موجز عن حياة الباحث فادي عاكوم:
حاصل على ماجستير في علم الآثار عام 1994 من “الجامعة اللبنانية”.
عمل في العديد من الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية.
له عدة مؤلفات أدبية وسياسية منها: المجموعة القصصية “زينة”، ورواية “نواف”، وكتاب “حزب الله وسياسة المتعة”، و”الكرد وأراضي الواقع”، و”المكونات السورية”.
كاتب وصحفي لبناني مقيم في مصر.

أن تكون كرديّاً”

في هذا العصر الرّهيب سياسيّاً وعسكريّاً، من الصعب أن تكون إنساناً، ومن الأصعب أن تكون شرق أوسطيّاً، ومن صاعب الصّعاب أن تكون كرديّاً، لأنّك ستتورّط بمَهمّة الدّفاع عن الأرض والحجر والبشر، بعد أن كان الهمّ الأكبر الحفاظ على الهُويّة واللّغة والثقافة.

فما جرى في سوريّا، سيُذكر في كتب التّاريخ والوثائق السرّيّة وغير السرّيّة، لأنّه أعاد للكرد اعتبارهم وهُويّتهم شبه المسلوبة، سيذكر التّاريخ بأنّ الكرد أعادوا اللّحمة بين مكوّنات الأرض السّوريّة، على خلاف ما كان يُخطّط له.

أن تكون كرديّاً؛ فإنّك على خطّ النّار، بمواجهة أصحاب اللّحى والقمصان السّوداء، فتتمترس لتدافع عن الشعوب التي أعطتك أمان وجودها، ووَثِقَت ببندقيّتك ورصاصتك، فأن تكون كرديّاً، فَقَدَرُك القتال بشرف ضدّ جماعات باعت الشرف.

أن تكون كرديّاً؛ فإنّك مُجبرٌ على حماية مكتسباتك، ومكتسباتك ليست لك، بل ملكٌ للجميع دون تفرقة. وأن تكون كرديّاً؛ فمن مسؤوليّتك تنظيف الأوكار في المناطق المحرّرة من أرانب الإرهاب المختبئين بِجُبنٍ واضحٍ.

أن تكون كرديّاً، فإنّك مُجبرٌ على رفع علم الحرّيّة أينما حللت، ومُجبرٌ على فتح المدارس وتأمين رغيف الخبز للآخر قبل نفسك، ومعه دفء الشّتاء وبسمةُ الأطفال…

أن تكون كرديّاً؛ فإنّك مُعرّضٌ لوابلٍ من الانتقاد اليوميّ من أشخاص هربوا وارتموا في أحضان السلطان العثمانيّ الجديد، باعوا أرضهم وعرضهم ليكونوا عبيداً للسلطان الجديد، وعليك أن كنت كرديّاً لتحرّرهم وتحرّر عقولهم المغيّبة.

أن تكون كرديّاً؛ عليك ألا تُلقِيَ بالاً للاتّهامات العنصريّة، و”تطنّش” اتّهامات فارغة نعلم جميعاً أنّها تُجرِحك وممكن أن تُصيبك بمقتلِ؛ لأنّها تُحوّر الحقيقةَ وتُشوّهُ الصّورة النبيلةَ الشفّافة.

أن تكون كرديّاً؛ عليك أن تكون متسامحاً مع من وَجّهَ رصاصاته إليك في الأمس، بعد أن رفع يديه وهو يعلم أنّك لن تؤذيه، وأنت تعلم ونحن نعلم وجميعنا نعلم بأنّه قد يعيد الكَرَّةَ مرّة واثنتين وثلاثة إن قُدِّرَ له ذلك، لكن أن تكون كرديّاً؛ فأخلاقك لا تسمح لك بمساس شعرةٍ منه.

أن تكون كرديّاً؛ فإنّك ستُمسِك آلة التصوير والقلم، وتجتاز حقول الألغام وجدران النّار، لتَنقُلَ الصورة الحقيقيّة لما يجري للعالم، أن تنقل الصورة كما هي دون زيف أو تزيين.

أن تكون كرديّاً؛ فإنّك مقاتلٌ…

أن تكون كرديّاً؛ فإنّك من أنبل الفرسان…

أن تكون كرديّاً؛ فإنّك النسخة الصافية من الإنسان…

فجميل جدّاً أن تكون كرديّاً… ويا ليتني كنت كرديّاً…