خضر م. حسن
الشهيد تعريفاً هو كل مَن مات دفاعاً عن شيء ما، يعتبره ثميناً.
بهذا المعنى لكلمة “شهيد” فهي لفظة مشتركة بين عدة لغات منها العربية، الكوردية والفارسية. بينما نراها في معظم اللغات التي تستخدم الحرف اللاتيني مأخوذة من اليونانية القديمة “martys” ثم انتقلت إلى اللاتينة وتحوّرت بعض حروفها بما يناسب اللغات المشتقة من اللاتينة وفقاً لمخارج حروفها. فهي في الانجليزية “martyr” وفي الفرنسية “martyre” وفي الألمانية “Märtyrer”. هذه الشراكة في المصطلح ناجمة عن تلاقح اللغات بحكم الجغرافيا والتاريخ، وهي حالة طبيعية في حركة تطور المجتمعات البشرية.
الماضي من “شهيد” بالعربية “استشهد”، وبالفارسية “شهيد شد”، أمّا الماضي بالكوردية فهو “شهيد كَت”.
إن معنى اللفظة في العربية يختلف عنه في اللغتين الكوردية والفارسية، فهو يعني بالعربية الشخص الَّذِي لَا يَغيب عَنْ عِلْمه شَيْء وفق [لسان العرب (3/ 238- 243)]، وهو من أسماء الله الحُسنى في الإسلام. أمّا في اللغتين الكوردية والفارسية فإن كلمة “شهيد” ربما تكون مأخوذة من كلمة “شاه” وتعني الملك أو السلطان وربما الملاك وهو وصف يليق بمن قضى دفاعاً عن اعتقاده (اجتهاد شخصي).
هناك ثلاث معانٍ للمصطلح، المعنى الإنساني، الفلسفي و المعنى الديني. أمّا الإنساني فهو يشمل كل من مات دفاعاً عن أرضه، عرضه، دمه أو ماله. أمّا الفلسفي فيجوز اِسقاطه على كل مَن مات دفاعاً عن فكره، وبهذا المعنى يكون سقراط أوّل شهيد في تاريخ البشرية، إذ تم الحكم عليه بالموت مسموماً بسبب دفاعه عن مجانية التعليم و وقوفه في وجه ارستقراطيي أثينا الذين احتكروا حق التعليم على طبقة الأغنياء دون غيرها. الشهيد بالمعنى الديني، هو كل مَن مات في سبيل إعلاء كلمة الله. بهذا المعنى فإن جميع الأنبياء كانوا مشاريع شهادة، إذ لاقوا الويلات من أقوامهم. إلّا أن أول شهيد بهذا المعنى من الذين وصلتنا أخبارهم هو نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام (كما ترى المسيحية).
إن مرادف كلمة “شهيد” في اللغة العربية هو “بصير” ولكنها لاتستخدم في الكتابة في وصف من ضحى بنفسه دفاعاً عن شئٍ ما. أمّا اللغة الفارسية فتستخدم لفظة “روانياك” كلفظة رديفة لكلمة “شهيد” وتعني الروح الأولى (روان + ياك) وهي أيضاً قليلة الإستعمال، وفي الكوردية فإن لفظة “باكروان” أو “Pakrewan” وتعني الروح الطاهرة (باك + روان) فهي تستخدم بذات الدرجة التي تُستخدم بها لفظة “شهيد”.
تحتفل الشعوب في معظم دول العالم بعيد الشهداء، فمثلاً يحتفل العراقيون بعيد الشهداء في الأول من كانون الأول / ديسمبر من كل عام، بينما يحتفل به الإتحاد الوطني الكوردستاني في 21 تشرين الثاني / نوفمبر من كل عام. كما تحتفلان كلاً من سوريا ولبنان في السادس من أيار / مايو بعيد الشهداء، بينما يحتفل به المجلس الوطني الكوردي السوري يوم 12 آذار / مارس من كل عام، ويُحتفل بهذا العيد في دوائر الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا في 25 نيسان / أبريل من كل عام. كما تحتفل تركيا بعيد الشهداء في 18 آذار / مارس من كل عام، بينما يحتفل حزب العمال الكوردستاني بيوم الشهيد في 18 أيار / مايو من كل عام، حيث يصادف ذكرى استشهاد القيادي في حزب العمال الكوردستاني حقي قرار، الذي استشهد في هذا اليوم من عام 1977.
خضر م. حسن: باحث وأكاديمي كوردي