قضايا وآراء

الدبلوماسية هي صفة تعكس الأسلوب واللغة التي يستخدمها السفراء والمبعوثين عند التمثيل السياسي للبلاد وتصريف شؤون الدولة الخارجية مع الدول الأجنبية، وتشمل التعامل السياسي وممارسة العلاقات الدولية ، وهي الفن والذكاء في إدارة العلاقات الرسمية بين الحكومات والدول، والتفاوض لإبرام المعاهدات والإتفاقيات، كما وتعتبر وسيلة تحاول من خلالها حكومة بلد ما القدرة والتأثير على رأي مجتمع بلد آخر لتحقيق مصالحها من خلال خلق العروض الجذابة بدلاً من الرشوة والإكراه لجلب الإستثمارات والسياحة الأجنبية وإيجاد الأسواق لزيادة الصادرات.
من الصعوبة بمكان القول بأنه توجد دبلوماسية كوردية بما تحمله هذه الكلمة من معاني ولعدة أسباب نذكر منها، وفي المقدمة غياب وجود كيان كوردي ( كوردستاني ) مستقل، وحتى الكيان الفدرالي الكوردستاني في العراق والذي منحه دستور العراق حق التمثيل في الخارج وفعلاً لديه التمثيل في العديد من الدول، إلا أن هذا التمثيل من حيث الجوهر يغلب عليه طابع التمثيل الحزبي لهذا الحزب أو ذاك، لأن الحزبان الحاكمان في الإقليم، الحزب الديمقراطي الكوردساني، والإتحاد الوطني الكوردستاني، يتعاملون مع مؤسسات الإقليم كمؤسسات حزبية، وهذا ينطبق على الإدارة الذاتية في كوردستان الغربية أيضاً، وبالتالي فإن التمثيل يصبغ بالتمثيل وبالمصالح الحزبية، ولم يرتقي بعد إلى المستوى المؤسساتي المبني على أسس وقواعد علمية وقانونية، ورغم كل هذا هناك دبلوماسية خاصة بالكورد تعكس الواقع المتجزء لهم سواء إن وجدت دولة مستقلة أو لم توجد، فـكوردستان مقسمة بين أربعة دول، وهناك نضال مستمر من مختلف الأحزاب والقوى الكوردستانية، وإن للشعب الكوردي مكانة خاصة في العلاقات والمعادلات الإقليمية مكّن لحركته السياسية والكفاحية دوراً مهماً في الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط عبر التاريخ، ودخل في علاقات متنوعة مع قوى الشعوب والحكومات المحيطة، وكذلك القوى الدولية، ناهيك عن وجود جالية كوردية كبيرة ولديها الكثير من المنظمات والجمعيات في بلدان المهجر تعمل على إيصال معانات شعبها إلى الجهات الرسمية والشعبية.
لإيجاد وخلق دبلوماسية كوردية ( كوردستانية ) تملك رؤية سياسية واضحة وإستراتيجية تحدد لها مساراتها ومحاورها، وتأمن أدواتها، يتطلب من الحركة السياسية الكوردستانية القيام بمسؤوليتها التاريخية القبول بالآخر الكوردي المختلف وإبداء التعاون اللازم مع بعضها بهدف ترتيب البيت الكوردي من الداخل والتفاهم والإتفاق لإيجاد مرجعية سياسية كوردية، وصياغة إستراتيجية كوردستانية تنطلق من واقع شعب كوردستان، ومصالحه القومية المشروعة، لتعلى على المصالح الحزبية والجهوية، وتلبي طموحاته الأساسية، عندها يمكن القول عن وجود دبلوماسية كوردية.