أحمد إسماعيل إسماعيل

عندما كان التلاميذ يعبثون بالمقاعد ويكسرون زجاج النوافذ في المدرسة التي كنت معلماً فيها، كنتُ أردد مع المدير والمعلمين:
أولاد قليلو أدب.
وكنت استشيط مثلهم غضباً.
وكان بعض الإداريين يذهب أبعد من ذلك فيعد هذه الأفعال تخريباً متعمداً للإساءة إلى (أملاك الدولة)
لكن!!!
ما إن بدأت أقرأ الطفل وواقعه، وكذلك علم النفس التربوي، حتى أدركت الحقيقة، والتي يمكن تلخيصها بالقول:
إن تلك التصرفات لم تكن إلا احتجاجات غير واعية على القمع.
وإن المدرسة في نظرهم سجن، والمعلمون سجانون.
ولا أخفيكم كم خجلت من موقفي، ونمط تفكيري بعد أن اكتشفت هذه الحقيقة. وقد يكون لهذا الأمر دوره في توجهي نحو الكتابة للأطفال لأدافع عنهم ضد سجانيهم… في البيت والمدرسة… والوطن.
ورحت أؤكد دائماً:
ليس التلميذ المخرب هو الخائن، بل المدرسة.
وليس الطفل في البيت هو المنحرف، بل الأب الظالم أو المستهتر.
وليس المهاجر من وطنه بلا مشاعر وطنية، بل وطنه هو الذي طرده.. أو بتعبير أدق: سادته وحكامه.
وليست الشعوب المتمردة أو مكونات البلد هي الخائنة، بل حكّامها.
عزيزي الوطنجي:
إذا رأيت خطأً ما، فلا تكتف بالحكم… ابحث عن الدافع، بل عن العدو الخفي والذي قد يكون أقرب إليك من أصابع يديك.
أما “الوطنية” التي تُرفع على حساب كرامة المواطن، فإنني مع قول فولتير مئة بالمئة:
(لا وطن حر بلا مواطنين أحرار)
وأضيف:
ولا وطن يستحق فرح العيد، وحكامه الجلوس بأمان على العرش إذا كنتُ أنا القربان.
قاعدتي:
الإنسان أولاً…ثم يأتي بعده في الأهمية الوطن والدين وكل المقدسات، كلها بلا استثناء.