د.حمزة عيسى
قال جبران خليل جبران ذات يوم:
“أيها المراؤون: توقفوا عن الدفاع عن الله بقتل الإنسان… ودافعوا عن الإنسان كي يتمكن من التعرف إلى الله!”
ما زال هذا النداء الإنساني يتردد في أرجاء الضمير الحي، في وجه أولئك الذين جعلوا من الدين أداة قمع، ومن الله ذريعة للذبح، ومن الجهل منصة للسيطرة.
في عالم تُرتكب فيه المجازر باسم العقيدة، وتُكفَّر فيه العقول باسم “الإيمان”، ويُخنق فيه صوت الإنسان باسم “القداسة”، آن الأوان أن نقف وقفة شجاعة ونقول:
“الله لا يحتاج إلى من يدافع عنه بسلاح الموت، بل يحتاج إلى من يفهمه بعقل الحياة.”
الله لا يُعبَد بالدم، بل يُعرَف بالعلم. الله لا يُجَسَّد في الطقوس الجوفاء، بل في العدل والرحمة.
_ الله لا يُحرِّض على القتل، بل يحرّض على المعرفة والارتقاء بالإنسان.
ما نعيشه اليوم هو نتيجة تفشي ثقافة الجهل والخرافة، وتقديس النص على حساب العقل، وتقديس السلطة الدينية على حساب الحرية الفردية. إن من يدّعي الدفاع عن “الإله” بقتل المختلف، إنما يعبد صنمًا من صنع وهمه، لا الإله الذي هو مصدر الرحمة والعقل والنور.
من يقتل الإنسان باسم الله، إنما قتل الله في قلب الإنسان.
فلندافع عن الإنسان أولًا، لأنه بوابة التعرف إلى الله.
ولنحارب الجهل لأنه عدو الحقيقة، ولنقاوم الاستبداد الديني لأنه وجه آخر للطغيان السياسي.
هذه معركة العقل في وجه الوهم،
ومعركة النور في وجه الظلام،
ومعركة الإنسان ليبقى حيًّا… لا قتيلاً باسم الرب.
