Ahmad İsmail İsmail
كان القن غارقا في العتمة عندما تهامست الدجاجات بصوت خافت:
قالت دجاجة:
- غداً هو أول أيام العيد.
وقالت أخرى: - ما أجمل العيد!
وبدأ الصوت يعلو ويزداد: - سيصبغ الأهالي بيوضنا بألوان زاهية.
- سأركض وأقفز مع الأطفال.
- أما أنا، فسأغادر الدار بمفردي. وأتجول مع الأطفال.
علا همس الدجاج، وتحول إلى ضحكات، وصفق بعض الدجاج بجناحيه، وحلقت دجاجة من أقصى القن، وحطت قرب الباب، ونظرت من خلال ثقب صغير فيه، وصاحت بفرح: - لقد اقترب موعد طلوع الفجر.
أطلق الديك الذي كان جالساً بالقرب من الباب؛ صيحة غضب جعلت الدجاجات كلها تصمت في خوف، وقال:
-أيتها الدجاجات الحمقاوات، عقاباً لكنَّ، لن أصيح بعد اليوم.
دارت العيون الصغيرة في محاجرها بخوف، وعادت بعض الدجاجات إلى التهامس: - لن يطلع الفجر!
- وسيستمر الظلام!
- ولن نخرج من القن!
- وقد نموت جوعاً!
انتظرت الدجاجات أن يعدل سيد القن عن قراره، فلم يفعل، بل بقيَّ صامتاً كأنه تمثال من حجر، فاقتربت منه الدجاجات، وراحت ترجوه: - سامحنا ياسيدنا الديك.
- لن نتحدث عن الفجر مرة أخرى حتى تطلق صياحك القوي والجميل.
فأمر الديك الدجاجات بنقر دجاجة حلمت بمغادرة فناء الدار، وعلى الفور، انطلقت بعض الدجاجات نحو تلك الدجاجة الحالمة؛ وبدأت بنقرها وصفعها، ولم تكف عن ضربها حتى أمرها الديك بالتوقف، ثم أشار إلى واحدة أخرى غيرها، بشرت رفيقاتها بقدوم الفجر، وسرعان ما هجمت دجاجات أخرى عليها، وشارك هو أيضا في ضربها. علا الصياح داخل القن وامتلأ بالأنين والشجار.
فُتح باب القن فجأة، ودخل نور الصباح إليه، وبدد عتمته، فأطلقت الدهشة ألسنتة الدجاجات بالقوقأة، وكاد الديك أن يصيح بغضب، غير أن الدهشة عقدت لسانه، فصمت.
أطالت الدجاجات النظر إلى الباب المفتوح بفضول ورهبة، ثم بدأت تغادره الواحدة تلو الأخرى، حتى خرجت جميعها إلى فناء الدار.
كانت الشمس خارج القن مشرقة وملأت فناء الدار بالنور والدفء.
ركضت الدجاجات بسرور وهي تطلق أصواتها بفرح مع الأطفال الذين كانوا يرتدون أثواب العيد الزاهية.
أما الديك الذي انقلبت دهشته إلى هلع؛ فقد بقي في القن، يقوقئ وحده وسط الظلمة.
ملحوظة:
(القصة موجهة للصغار ولكنها تتحدث عن تهريج الكبار (سناً) كتبت ونشرت في كتاب قبل سنتين، لتتجسد في سوريا في الأشهر الاخيرة!!!)
