وليد طاهر
لا تزال الأزمة السورية الممتدة منذ أكثر من عقد تُظهر تعقيداتها السياسية والاجتماعية، في ظل إصرار بعض القوى على فرض نموذج حكم مركزي يُقصي المكونات الأساسية للمجتمع السوري، وعلى رأسها المكون الكردي، الذي يعد جزءًا أصيلًا من نسيج البلاد التاريخي، وصاحب أرض وهوية.
إن محاولات تهميش هذا المكون، الذي ساهم في حماية مناطق واسعة من خطر الإرهاب، وقدم نموذجًا حقيقيا في التعايش السلمي بين جميع المكونات، لا يمكن أن تُفسر إلا كتهديد مباشر لفكرة سوريا التعددية المدنية التي ينشدها السوريون. فالإصرار على مركزية القرار السياسي والإداري دون إشراك حقيقي لجميع المكونات القومية والدينية والإثنية، سيؤدي إلى تفتيت الثقة بين أبناء الوطن، ويدفع بالمظلومين نحو خيارات أكثر تطرفًا.
وفي الوقت ذاته، فإن التدخل التركي في الشأن السوري، سواء عبر دعم جماعات مسلحة موالية أو من خلال احتلال مباشر لأراضٍ سورية، أو من خلال الاملاءات التي تمليها على السلطة المؤقتة في دمشق ،يزيد الوضع تعقيدًا. فهو لا يستهدف فقط الكرد، بل يمس سيادة سوريا ووحدة أراضيها، ويُغذي الصراع بين المكونات بدلاً من دعم مسار الحل السياسي.
إن مستقبل سوريا المدني والديمقراطي لا يمكن أن يُبنى إلا على أسس من العدالة والمساواة والاعتراف بالحقوق القومية والسياسية لجميع المكونات، دون استثناء. ولتحقيق ذلك، لا بد من الابتعاد عن عقلية الإقصاء والمركزية، والاتجاه نحو نظام لامركزي ديمقراطي يضمن تمثيل الجميع، ويحفظ وحدة البلاد عبر الشراكة لا السيطرة.
