وليد طاهر

حين تنهار القيم، يصعد أرخص ما في المجتمع إلى السطح. يعلو صوت من لا عقل له ولا ضمير، ويُفسح المجال للجهل أن يتكلم بلغة اليقين، وللحقد أن يختبئ خلف أقنعة الوطنية.

في هذا الزمن الرديء، لا يهاجمون الظالم، بل يهاجمون من يقاوم. لا يفضحون من دمّر البلاد، بل يشتمون من صمد في وجهه. وهكذا يُشيطن الكرد، لا لأنهم أعداء، بل لأنهم لم يخضعوا.

من الغريب أن تكون الضحية مطالبة بإثبات ولائها، بينما يُمنح الجلاد شرعية الحديث باسم الوطن. يُطلب من الكرد أن يُقسموا ألف مرة أنهم ليسوا انفصاليين، في حين يخرسون للتدخل التركي ويباركون له في احتلاله لأرضهم.

الوطن الحقيقي لا يُبنى بالصوت المرتفع، ولا بالخطابات المزيفة. الوطن يُبنى بالاعتراف بالآخر، بالعدالة، وبالحق في الاختلاف. من لا يرى في الكرد جزءًا من هذه الأرض، لا يعرف الأرض أصلًا.

سيأتي يوم تنطفئ فيه أصوات التهريج، وتبقى الحقيقة وحدها. وعندها، سيتضح من كان يزرع وطنًا، ومن كان يبيع أوهامًا مغمّسة بالدم.