سامي داوود


قرأت تقرير لجنة التحقيق الأممية بشأن مجازر الساحل. معظم الضحايا أُعدموا برصاصة في الرأس، من بينهم طفل لم يبلغ عامه الأول ونساء أغتصبن ـ جماعيا ـ قبل إعدامهن. تماما مثلما فعلوا في عفرين بحق الكرد سنة 2018. أدناه مقتطفان يكشفان شيئًا من الوحشية المتأصلة في جينات الهمج.
ما انكشف في التقرير ليس فقط الجريمة، بل هندسة الجريمة: ترتيبها، تبويبها، توزيع الأدوار فيها، وإسنادها إلى نظام يمتص الأخلاق من الفعل، ويحوّله إلى إجراء. ليس هذا شرا تافها، ولا يمكن مقاربته بفكرة تفاهة الشر. الجرائم هنا مستحبة، مرفقة بالمتعة والزهو بالوحشية. فالرغبة في الإيذاء مصدرها ثقافتهم المجبولة من كل ما هو رذيل.
وما هو أخطر من الفعل ذاته، هو الصمت الذي يليه. حين يُصرّ البعض، بلا خجل، على وصف المجازر المرتكبة بحق العلويين والدروز والأكراد بـ«أخطاء» –على غرار النازية التي كانت تطلق عبارات إدارية على عمليات القتل الجماعي. فهم لا يدافعون عن القتلة فقط، بل يشتركون في الجريمة، بإعادة إنتاج لغتها. ينبغي تقديم هؤلاء للمحاكمة، كما حوكم أيخمان، الدارة المسننة لماكينة الشر.
المسؤولية هنا لا تقتصر على الجاني، بل تمتد إلى أولئك الذين غضّوا الطرف، برروا، أو ارتضوا أن يعيشوا فوق هذا الركام دون مساءلة. إن السكوت، حين يصبح عادة، يتحوّل إلى جدار يحمي القتلة، ويبرّر للمستقبل تكرار الجريمة. لذلك، تشكل المجازر بحق الدروز امتدادً لسلسلة المجازر التي تحدد وتحصر هوية هذه الجماعاتبالإجرام وحدها .