وليد طاهر

في زمن ترتفع فيه أصوات الشعارات الزائفة، ويُزيَّف فيه التاريخ على موائد الإعلام والسياسة، تبرز الحقيقة كمرآة مؤلمة، لكنها ضرورية. الحقيقة التي تقول إن الشعب الكردي، أحد أقدم مكونات المنطقة، ما زال يُعامل في كثير من الساحات، خاصة في سوريا، كغريب في وطنه، وكأن وجوده عبء أو تهديد.

معاداة الكُرد ليست أمرًا طارئًا، بل هي امتداد لسياسات إقصائية ممنهجة، بدأت منذ عقود. بدءًا من حملات التعريب القسري، وحرمان الكُرد من أبسط حقوقهم المدنية، إلى إنكار وجودهم كقومية ضمن النسيج السوري. واليوم، بعد أكثر من عقد من الحرب السورية، تتجدد هذه المعاداة بأشكال أكثر خُبثًا: تشويه إعلامي، تخوين سياسي، وتواطؤ دولي مع قوى تتربص بالوجود الكردي.

المثير للسخرية أن أولئك الذين يرفعون رايات “الوطنية” و”الوحدة”، هم أنفسهم من يتهمون الكُرد بالانفصالية(ولو ان لهذه الامة العريقة الحق في تحديد مصيرها حتى الانفصال)، في الوقت الذي قدم فيه أبناء هذا الشعب تضحيات جسام في مقاومة الإرهاب، وحماية مناطقهم، والدفاع عن مدن سورية أخرى.

الحقائق لا تحتاج إلى ضجيج. التاريخ يشهد، والأرض تشهد، ودماء الشهداء تشهد أن الكُرد في سوريا لم يكونوا يومًا دعاة فتنة أو انقسام، بل طلاب كرامة وعدالة وشراكة حقيقية في وطن يحترم التعددية ويكرم جميع مكوناته.

حين تتكلم الحقائق، يفترض أن تسكت أصوات المهرجين – أولئك الذين يعتاشون على الكذب والنفاق وتأجيج الأحقاد. لكن الحقيقة تحتاج من يدافع عنها، لا بالصوت فقط، بل بالفعل، والوعي، والتمسك بالعدالة رغم العواصف.