وليد طاهر

في عصر التواصل الرقمي، باتت وسائل التواصل الاجتماعي مساحة ضخمة للتعبير، لكنها أيضًا أصبحت مسرحًا كبيرًا للثرثرة والتفاعل السطحي. عندما يقرر أحدهم أن يأخذ حيزًا من هذه المساحة ليكتب فكرة عميقة أو يعبّر عن موقف فكري أو تحليلي، عليه ألا ينتظر الإعجاب أو التصفيق. لأن المنصات الاجتماعية، في جوهرها الحالي، لا تكافئ العمق بقدر ما تحتفي بالخفّة وسرعة التفاعل.

الناس لا يقرأون بقدر ما يمرّون، ولا يتأملون بقدر ما يتفاعلون تلقائيًا. معظم ما يُشارك اليوم على هذه المنصات يُستهلك بسرعة، ويُنسى بسرعة أكبر. الثرثرة الخفيفة، الطرائف، المقاطع السريعة، والمحتوى السطحي يحصد الإعجابات والتفاعل لأنه لا يطالب المتلقي بجهد فكري أو تأملي. في المقابل، المحتوى الذي يحاول الغوص في العمق، يُستقبل غالبًا بالصمت، أو بأسوأ الحالات، يُساء فهمه.

هذا لا يعني أن الكتابة العميقة لا مكان لها، بل يعني أنها ليست ما يُطلب أو يُكافأ غالبًا على هذه المنصات. من يريد أن يكتب ما يعتقد أنه مهم، يجب أن يفعل ذلك بوعيٍ تام أن منصات التواصل لا تضمن له جمهورًا مستعدًا للإصغاء. التقدير الحقيقي لا يُقاس بعدد الإعجابات، بل بقيمة ما يُقال، وإن وصل إلى قلة.

الخلاصة أن من يكتب بصدق وعمق على وسائل التواصل، عليه أن يتحرر من وهم “القبول الجماهيري”، وأن يعي أنه في زحام الثرثرة، قد يكون الصمت هو أكثر ردود الفعل صدقًا.