جوان ديبو
كلما ألمّّ بالكُرد مصيبة، بدأ العقل السياسي الكردي البدائي بشكل تلقائي بإنساب المصيبة والمسببات إلى الأعداء والخصوم والمتربصين (الآخر)، وتبرئة الذات او الذوات الكردية المتعادية من مسؤولية المصائب التي ألمَّت وتلمُّ بهم في سياق النظرية المشروخة والرتيبة للمؤامرة التي تُحاك دائما وأبدا من قبل الآخرين. هذا التجريم المطلق للخصوم في كل واردة وشاردة، وهذه التبرئة المطلقة للذات او الذوات الكردية المتضاربة، والتي توحي إلى طبيعة العقل السياسي الكردي البدائية والمتصلبة، تعتبر مصيبة أخرى إضافية تضاف إلى أكوام المصائب والعاهات التي نكابد منها. على هذا الأساس، يعتقد العقل السياسي الكردي النخبوي بأن الكُرد لا يتحملون أية مسؤولية حيال حرمانهم من الحقوق والاستقلال منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى والى الآن، وأن فشل مساعيهم وثوراتهم ومحاولاتهم في نيل الحرية والاستقلال كان وراءها الأعداء والخصوم والمتواطئين الآخرين وأن الكُرد وزعماءهم وقادتهم لا يتحملون وزر ذلك، وهم أبرياء من مسؤولية الإخفاقات والانهيارات التاريخية المتوالية كبراءة الذئب من دم يوسف. هكذا كان وما زال الكردي، يتقد عقله وتتفتح قريحته عند الكلام عن الأعداء والخصوم والمتربصين والمتآمرين، ويصاب بالبكم والعمى ويشل عقله عندما يأتي دور الكلام عن الذات او الذوات الكردية المتطاحنة لأنها برأيه بريئة ومقدسة ومنزهة ومؤلهة.
