وليد طاهر
فكر كما تشاء، وابدِ رأيك كما تريد، فحرية التفكير مقدسة لا تُمسّ. لكن ثمة قاعدة واحدة لا تقبل التأويل، ولا تقبل النقاش، تجاوزها ليس حرية بل سقوط، ليس اجتهادًا بل انحطاطًا للمبادئ والأخلاق: وحدة الكلمة، وحدة الموقف، وعزّة النفس القومية.
في زمن تتكاثر فيه سلطات الأمر الواقع، وتتناسل فيه مشاريع الهيمنة والتفتيت، يصبح التهاون في هذه القاعدة جريمة لا تُغتفر. حين يساوم الفرد على كرامته القومية تحت ذريعة الواقعية السياسية أو النجاة الفردية، فهو لا يُفرّط بحقه فحسب، بل يُقوّض جدارًا من التاريخ المشترك، ويهدم ما تبقّى من أمل في التحرر والكرامة.
السلطة العابرة، كيفما تلونت أو تصنعت، لا يجب أن تكون مرجعية للكرامة، بل الكرامة القومية هي التي تضع حدود التعامل، وتحدد ما يُقال وما لا يُقال، ما يُقبل وما يُرفض. إن تفتت الموقف الكردي وتشرذم كلمته لا يخدم سوى أعدائه، ويمنح شرعية لسلطات لا تستحق سوى الرفض.
فالفرد الكردي الذي يتجاوز هذه القاعدة، بحجّة الواقعية، أو المصلحة، أو الاندماج، لا يحقق سوى خيانة مضاعفة: خيانة للذات، وخيانة للجماعة، وخيانة للمستقبل. لأن الحرية التي لا تُبنى على كرامة جماعية، ليست سوى عبودية جديدة بثوب مخملي.
وما لم تكن وحدة الكلمة منسجمة مع وحدة الوجدان، فلن تقوم لهذه الأمة قائمة.
