Beshir Shekhee

كنتُ أجري بحثًا قديمًا عن أصول بعض العلماء والفلاسفة والأطباء في العصر العباسي، وأثناء البحث، اكتشفت أمرًا مريبًا للغاية: أسماؤهم متشابهة إلى حدّ التطابق!

وهنا بدأت تتكشف أمامي خيوط تزوير تاريخي صامت ومقصود، كشف محاولة العرب المتأخرين تعريب جميع أسماء العظماء الذين عاشوا على أرض كردستان ودرسوا في مدنها.

عندما تتفحص الأسماء، ستشعر وكأن أحدهم أوكِلَت إليه مهمة تعريب هؤلاء العظماء، فجلس خلف الطاولة، وأخرج دفترًا، ثم بدأ يكتب من خياله أسماءً منسوخة، يدور معظمها بين “محمد” و”أحمد” و”عبد الله”، وكأنه أصيب بالملل، أو ظنّ أن أحدًا لن ينتبه لما يفعل.

إليكم الأسماء كما ظهرت بعد “التعريب”، مع بيان الاسم المنادي الوهمي الذي أُلصق بهم:

  1. ابن خلكان – أحمد بن محمود
  2. ابن الأثير – نصر الله بن محمد بن محمد
  3. الطبري – محمد بن جرير
  4. المعري – أحمد بن عبد الله
  5. ابن المقفع – عبد الله بن المقفع
  6. الخوارزمي – عبد الله بن محمد
  7. الفارابي – محمد بن محمد
  8. ابن رشد – محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد
  9. ابن حوقل – محمد بن علي النصيبيني
  10. الواقدي – محمد بن عمر واقد
  11. البتاني – محمد بن جابر
  12. ابن العميد – محمد بن الحسين بن محمد الخراساني
  13. الشافعي – محمد بن إدريس
  14. الخوارزمي – محمد بن موسى
  15. ابن خلدون – عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد الحضرمي
  16. الطوسي – نصير بن محمد بن محمد بن الحسن الطوسي
  17. البيروني – محمد بن أحمد البيروني

هل رأيتم حجم التكرار؟
هل يُعقل أن يكون كل هؤلاء العظماء بلا تنوع؟
هل يُعقل أن عباقرة ملئ علمهم الشرق والغرب، انتهت أسماؤهم بين “محمد” و”أحمد” و”عبد الله فقط”؟!

إنها عملية تعريب قسري وتزوير متعمد، سُرقت فيها هوية كل من لم يخضع لسلطة العرب أو لم يكن منهم عرقًا ولسانًا.

والكارثة الأعظم، أن معظم هؤلاء نُسبوا زيفًا إلى كازاخستان وطاجيكستان وتركمانستان… وكأن كردستان لم تكن موجودة أصلًا!
بينما الحقيقة، التي تكتشفها حين تتتبع أماكن ولادتهم وبيئتهم الفكرية، تكتشف:
جميعهم ولدوا على الأرض الكوردية، ودرسوا في مدنها، وكانت لغتهم الأصلية غير عربية.

لكن الكذبة الأكبر، والتي لطالما كررها كتبة السلطة، هي أن هؤلاء “هاجروا من الجزيرة العربية إلى كردستان”!
نفس الكذبة التي قيلت عن كل مدينةٍ كردية اشتُهرت بالعلم والحضارة:
من نيسابور إلى مرو،
من همذان إلى خراسان،
من كوفان إلى مديان،
من هولير إلى بوطان،
من نصيبين إلى أصفهان …

يبدو أن المكلّف بعملية التعريب شعر بالملل، ولم يعد بإمكانه تخيّل الأسماء، فاختارها من بيئته الصحراوية، لأن لفظ أسماء الكرد كان صعبًا عليه.
وهكذا كتب أسماءهم جميعًا من مخيلته الصحرواية، ومن شعوره بالنقص، التي لا تعترف إلا بنفسها.