وليد طاهر

مع صعود أحمد الشرع إلى رأس السلطة في سوريا، بات من الواضح أن مرحلة ما بعد الحرب دخلت طورًا جديدًا، طوت معها صفحات طويلة من مشاريع المعارضة الرسمية، وعلى رأسها الائتلاف الوطني السوري. هذا التغيير الجذري أزاح فعليًا كل الكيانات التي كانت تعيش على هامش المشهد، أو تحاول تقديم نفسها كـ”ممثلين شرعيين” دون قاعدة واقعية على الأرض.

ضمن هذا السياق، تبدو قيادات المجلس الوطني الكوردي (ENKS) وقد انكشفت تمامًا، بعد أن فقدوا آخر ورقة كانوا يتكئون عليها: عضويتهم في الائتلاف. الآن، لم يعد لهذا الكيان أي سلطة أو اعتراف سياسي، مما يعني أن قيادات ENKS باتوا بلا منصة، وبلا مشروع، وبلا جمهور.

المفارقة أن هذه القيادات التي طالما دافعت عن بقائها داخل الائتلاف بذريعة “التأثير من الداخل”، أصبحت اليوم تُبرر غيابها بالحديث عن استمرار النضال من الخارج، وكأن وجودهم لم يكن يومًا مرتبطًا بسلطة الأمر الواقع بل بمحاولات الحفاظ على الوجاهة السياسية.

لكن الواقع الجديد لا يرحم. فمع تحوّل السلطة إلى شخصية مثل أحمد الشرع – والتي تمثل شكلًا من أشكال إعادة إنتاج النظام بصورة مختلفة – يُعاد تشكيل الخريطة السياسية من الصفر. وفي هذه الخريطة، لم يعد هناك مكان للكيانات الرمزية أو القوى المكرّسة للفشل.

والأسوأ أن قيادات ENKS لم تُراجع أنفسها حتى اللحظة، ولم تعترف بأن مشروعها السياسي كان قائمًا على رهانات خاسرة وتحالفات هشّة، لم تُفضِ إلا إلى مزيد من العزلة عن الشارع الكوردي. فبدلًا من أن يكونوا صوتًا كورديًا وطنيًا حرًا، كانوا دومًا جزءًا من توازنات خارجية، أقرب إلى وكلاء منها إلى ممثلين حقيقيين.

في ظل هذا التحول الكبير، إما أن تقوم هذه القيادات بمراجعة جذرية وشجاعة لدورها وموقعها، أو أن تنسحب من المشهد بهدوء، كما انسحبت رموز المعارضة الورقية، بعد أن تجاوزهم الزمن.