جوان ديبو
خلال لقاء شيق أجراه معه الإعلامي المتميز سليمان الهتلان في برنامج “حديث العرب” على سكاي نيوز عربية، تحدث الفيلسوف المصري مراد وهبة عن عملية التغيير في سياقها التاريخي، وأورد مثالاً ملفتاً للغاية. أوضح بأنه عندما أثبت نيكولاس كوبرنيكوس بأن الأرض هي جرم تدور في فلك حول الشمس وليس العكس مفندا بذلك نظرية بطليموس – أرسطو التي كانت تقول بثبات الأرض ودوران الشمس والكواكب الأخرى حولها، لم ينشر كوبرنيكوس نظريته (كتابه) في نفس السنة خوفاً من السلطة الدينية آنذاك. غاليليو أيضاً والذي دافع بشدة فيما بعد عن نظرية كوبرنيكوس تعرض للمحاكمة من قبل محاكم التفتيش الرومانية سنة ١٦٣٢ واتُهم بالهرطقة. اللافت بأن فيثاغورث، عالم الرياضيات اليوناني، في القرن السادس قبل الميلاد اوضح لطلابه بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس، لكنه شدّد على طلابه بأن هذا الأمر يجب أن لا يُذاع ويجب أن لا يغادر هذا الصف، وعندما علمت السلطة الدينية آنذاك بهذا الموضوع، عمدت إلى إحراق الصف الذي كان يُدرَّس فيه فيثاغورث. حسب رأي المفكر المصري مراد وهبة، فإن ما كان يُثير حفيظة السلطات الدينية في الأمثلة الثلاثة فيما يتعلق الأمر بدوران الأرض في فلك حول الشمس هو التالي: عندما نقول بأن الأرض تدور، إذاً هذا يعني اننا ندور معها، وهذا بدوره يعني بأننا نتغير، والتغير والتغيير هما ألد أعداء الجمادات الدينية على مر التاريخ. وفِي هذا السياق، أورد أيضًا مثال إحراق كتب الفيلسوف الإسلامي ابن رشد. كان الفقهاء التقليديين يقولون للعامة أن الفلاسفة كفار وزنادقة، ولما كان المنصور قد أمر بفرض ضرائب جديدة بسبب حربه ضد ملك قتشاله كان بحاجه إلي رضى العامة، لهذا اتخذ هذا الموقف ونفي ابن رشد وأمر بحرق كتبه.
لم نتخلص بعد من براثن الأصوليات الدينية، وخاصة الإسلامية، حتى انبرى نموذج جديد من نماذج الأصوليات وهي الأصولية السياسية إن صح التعبير التي تتمثل في الأيدولوجيا الواحدة والحزب الواحد والقائد الأوحد.
