جوان ديبو
استماتة المستبدين في التشبث بنظام الحكم المركزي، والهجوم الغزير والمكثف ضد الفيدرالية ليل نهار، وتشويهها بشكل متعمد ومنهجي ومبرمج، ينبع من شهوة السلطة وعقدة التحكم بمصائر العباد ومنعهم من الحريات. وعند التركيز في طبيعة وجوهر وملامح هذه الشهوة والعقدة، يتبين بأن جذور هذه الظاهرة (هذا المرض) هي نفسية خالصة. فكل مستبد وديكتاتور متشبث بالنظام المركزي البغيض في بلد متعدد القوميات والأديان والطوائف هو مريض نفسيا، والدواء المؤقت الوحيد لمرضه العضال هو التلذذ بمنع الآخرين من ممارسة حرياتهم وبالبطش والتنكيل والقمع الذي يمارسه ضد مناوئيه. الرئيس السوري المؤقت – الدائم الفاتح أبو محمد الجولاني وخلال تواجده في نيويورك وفي معرض حديثه عن الفيدرالية، علق مرارا بأن الفيدرالية تعني التقسيم، واذا انفصل الكُرد في سوريا، فهذا الأمر سيشكل خطرا على تركيا والعراق، وهو بهذا يثير مخاوف أنقرة أكثر مما هي مثارة بالأساس. أبو محمد الجولاني وأبواقه الإعلامية المأجورة يدركون تماما بأن الفيدرالية لا تعني التقسيم، وإنما تعني العكس، وهو الإلتحام والتكاتف والتعاضد الطوعي والتدريجي والمراحلي بين مختلف المكونات والمناطق السورية، لكنهم يستبسلون في تسويق وجهة نظرهم المفبركة والمختلقة والكاذبة بشأن الفيدرالية وخطرها على سوريا ودول الجوار لإشباع غريزتهم وشهوتهم السلطوية المبنية على حكم الفرد الواحد والجماعة الواحدة والطائفة الواحدة والعرق الواحد. الاستبداد مرض نفسي قبل أن يكون مرض سياسي، والتشبث بنظام الحكم المركزي المقيت من قبل المستبدين منبعه نفسي قبل أن يكون سياسي، وعند تداخل وتقاطع المرض النفسي مع الهدف السياسي لدى الزعيم والقائد عندها يولد البلاء.
