د.حمزة عيسى
ما يجري اليوم في روژ آڤاي كُردستان ليس مجرد اختلاف في الرؤى أو تضارب في المصالح، بل هو صراع ممنهج على الوجود والهويّة.
حين تبدأ الحكومة المؤقتة بإلغاء الاحتفال بعيد نوروز، فلا ينبغي أن يُفهم الأمر كقرار إداري أو تقليص لطقوس دينية أو اجتماعية، بل يجب قراءته كـ مقدمة لمرحلة أخطر، تستهدف تجفيف منابع الوعي القومي الكُردي وإلغاء رموزه الرمزية والثقافية من المشهد العام.
إنّ الخطوات التي تبدأ بإلغاء احتفال، ستتبعها خطوات أعمق: تقييد اللغة، تحييد الثقافة، ثم نفي الانتماء القومي ذاته. إنها عملية محو بطيئة ومقصودة، تتكئ على خطاب ديني متشدد لإعادة تشكيل الهوية المجتمعية في المناطق الكردية، على مقاس سلطة مركزية أحادية الرؤية.
ولعلّ الأخطر من ذلك هو اللامبالاة داخل البيت الكُردي نفسه؛ التشرذم الحزبي، والانقسامات الشخصية، والاصطفافات الصغيرة التي أنهكت الجسد السياسي الكُردي وأفقدته القدرة على الدفاع عن ذاته أمام هذا التآكل المنهجي.
إنّ اللحظة التاريخية الراهنة لا تحتمل الصمت أو المجاملة.
فمن لا يرى أن إلغاء نوروز هو بداية مشروع لإنكار الوجود الكُردي في سوريا، فهو إما غافل أو متواطئ بالصمت.
إنّ وحدة الصف الكُردي اليوم ليست خيارًا سياسيًا بل شرطًا للبقاء؛ فإمّا أن نكون شعبًا موحدًا يدافع عن هويته، أو نصبح ذكرى عابرة في دفاتر الآخرين.
