وليد طاهر
في صفحات التاريخ، تُكتب أسماء وتُنسى أخرى، وتُرفع رايات وتُطوى رايات. وبين زحمة الأضواء والميكروفونات، كثيرًا ما يُهمل أولئك الذين كانوا في الصفوف الأمامية دون أن يطالبوا بشيء، لا قيادة، ولا منصب، ولا حتى كلمة شكر.
في ميدان النضال الكردي بسوريا، كما كان هناك قادة بارزون وأسماء لامعة أمثال العم أوصمان صبري والدكتور نورالدين زازا، كان هناك أيضًا جنود مجهولون، أبطال تحت الطلب، لم يسعوا يومًا لتلميع أسمائهم، بل جعلوا من أنفسهم وقودًا لمسيرة النضال، ووهبوا أرواحهم من أجل قضية آمنوا بها حتى النخاع.
رجال( وهنا سأذكر الأشخاص الذين تعرفت عليهم في طفولتي وهؤلاء كانوا يزورون الوالد بشكل دوري لعقد اجتماعاتهم الحزبية السرية في منزلنا أكثر الأحيان) مثل إبراهيم حسن مسته، صبري عمري ،وابراهيم محمود برجي، بشير كالو، خليل يونس ،شعبان (كرصور)، ملا محمد سهرمكا، طاهر أبو وليد، عبدي أبو فواز، خليل أبو جنكيز، فرحان بيره، ونايف حفصدة، نعمتو وسعيد بارودو وحسن عاكولة وغيرهم كثيرون الذين لم تذكرهم صفحات المجلات، ولم تُرفعو صورهم في المؤتمرات، لكنهم كانوا روح النضال الحقيقية، وضمير الحركة الكردية في زمن الإخلاص.
هؤلاء هم من ساروا بصمت، وعلّمونا أن النضال لا يُقاس بحجم التصفيق، بل بحجم التضحية. هم من آمنوا أن العزة لا تأتي من المناصب، بل من الثبات على المبدأ، وأن النضال الحقيقي لا يحتاج إلى عدسات الكاميرات، بل إلى ضمير لا يهدأ.
لكن للأسف، الزمن لم ينصفهم. أُهملوا، تُركوا في هامش الذاكرة، وكأنهم لم يكونوا، رغم أنهم كانوا من أنقى وأنبل من حمل راية النضال في سبيل الحق المشروع للشعب الكردي.
إن استمرارية هذه المسيرة، واستمرار الحلم الكردي، لم يكن ليبقى حيًّا لولا هذه القامات التي دفعت الثمن الأغلى، لا طمعًا في مجد، بل حبًا في شعب، وعشقًا في حرية.
فيا أبناء اليوم، لا تتركوا أسماءهم تندثر. اجعلوها حية في الذاكرة، وازرعوها في ضمير كل من يسير على درب الكرامة.
