د.محمود عباس

الخطر على أنقرة لا يأتي من بنادق الكورد، بل من ذاكرتهم التي لم تمت، ومن إرادتهم التي لم تُكسر. فالذي ينجو من الجبال لا تقتله السياسات، والذي اعتاد أن يُولد من الرماد لا تخيفه الحرائق.
ولذلك، فإنّ رعب أنقرة من القادم الكوردي هو رعب السلطة من الفكرة، ورعب الزيف من الحقيقة، ورعب القوة من العدالة.
لقد أثبت التاريخ أن الطغاة يملكون الجيوش، لكن الشعوب هي التي تملك الزمن، والزمن لا يرحم من يقف ضد حركته.
وإذا كانت تركيا تخاف من اللا مركزية والفيدرالية في سوريا، فلأنها تعلم أن الوعي الكوردي هو بداية انهيار الجغرافيا المصطنعة التي بُنيت على الإنكار، وأنّ الفيدرالية ليست خريطة جديدة، بل عودة إلى التوازن الطبيعي بين الشعوب التي تشارك الأرض، لا تلك التي تحتكرها.
إنّ الوعي الكوردي اليوم، كما قال الفيلسوف الألماني هيغل، “هو التاريخ وقد وعى نفسه”،
وحين يعي التاريخ ذاته، تسقط كل الأقنعة، وتنهار كل الأكاذيب، ويُولد العالم من جديد.
وهذا ما تخشاه أنقرة:
أن يُولد الإنسان الكوردي من جديد، لا كضحيةٍ، بل كفاعلٍ في التاريخ.
حينها، لن تنفعها التحالفات، ولا الرشى السياسية، ولا الذرائع القومية، لأنّ الفكرة التي آن أوانها لا تُهزم، بل تهزم من يقف في طريقها.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية