د. حمزة عيسى

في عالم اليوم، حيث أصبحت المصالح الشخصية والمظاهر الاجتماعية أكبر من الحقيقة، يجد الصادقون أنفسهم ضحايا لمنطق المجتمع المشوّه. الحقيقة في هذه البيئات ليست فضيلة، بل أحيانًا عبء ثقيل يفرض عليهم العزلة أو النبذ. الصدق هنا ليس مجرد خلق أخلاقي، بل مقاومة يومية لنظام اجتماعي وسياسي يكرم الرياء ويكافئ الخداع.
الصادق لا ينجو بسهولة، فهو دائمًا في مواجهة مع الأكاذيب المتشابكة: أكاذيب المؤسسات، أكاذيب الإعلام، أكاذيب الأصدقاء وحتى الأكاذيب الذاتية للآخرين. وفي كثير من الأحيان، يُساء فهمه، ويُتهم بالضعف أو السذاجة، رغم أن ما يمتلكه من وضوح ونقاء هو ما يميّزه حقًا.
هذا الواقع المرير ليس دعوة للتشاؤم، بل تذكير بأن المجتمعات تحتاج إلى صادقين أكثر من أي وقت مضى، لأن القوة الحقيقية تكمن في الجرأة على قول الحقيقة في زمن يكرّم الكذب. الصادق اليوم هو البطل المجهول، ومن يمتلك الشجاعة ليصمد أمام موجات الخداع، هو من يبني أساس التغيير المستدام.