إنَّ الأزمة التي تعيشها أحزاب الحركة الوطنية الكوردية هي نتيجة خلل بنيوي يعود إلى بدايات تشكيل الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الأهداف والبرامج التي تبناها الحزب حينها لم تكن تتوافق مع الإمكانيات التي كان يمتلكها، جاءت الإعتقالات المبكرة والواسعة لقيادة وكوادر الحزب من قبل أجهزة النظام الى تعميق الأزمة وابتعاد معظم المؤسسين المؤثرين عن الحزب، بقي هذا الخلل من دون معالجة جريئة، وكان التهرب من الاستحقاقات النضالية هو السائد في تناولها، بينما في الواقع جرى التخلي العشوائي لها ، لذا بقيت معظم الأحزاب التي انشقت من الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، دون خطاب سياسي ناجع و رؤى فكرية واضحة يأخذ الإمكانيات بعين الإعتبار بعيداً عن العواطف وعن التنافسية .
وبذلك فإن هذه الحركة لم تكن لديها برنامج سياسي محدد ولا خطط أو الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف وترجمتها على أرض الواقع بل على العكس، فقد وجهت أنظار الشعب إلى الساحة الكوردية المشتعلة في أقليم كوردستان العراق آنذاك، وكانت بداية لتأسيس فكرة التبعية للأجزاء الأخرى من كوردستان، بالإضافة الى التقاعس عن القيام بكل ماهو واجب عليها والإكتفاء بالمتابعة والإنتظار للتطورات في إقليم كوردستان العراق،
وبذلك قدمت قيادات الإنشقاقات خدمة بقصد أو بدون قصد للنظام السياسي في سوريا بتأمين الإستقرار في هذا الجزء وخفف عنه متاعب العمل في مقاومة الطموحات الكوردية وأصبح أداة غير مباشرة تخدم أجندات النظام السياسي القائم في سوريا، باستثناء محاولات جرت في التسعينات من القرن الماضي والعقد الأول من هذا القرن في ظهور مسار جديد معتمداً على طاقات وإمكانيات الشعب الكوردي في سوريا، متخذاً من النضال الديمقراطي السلمي ( من مظاهرات واعتصامات ) أسلوباً في المطالبة لإيجاد حل ديمقراطي للقضية الكوردية، لكنه فشل في التعامل مع الإنتفاضة السورية في آذار عام ٢٠١١ .