《موضوعات أساسية – حراك خوى بون》
المشهد السياسي للعلاقات بين الاحزاب الكوردستانية لا يبعث على التفاؤل، رغم أنَّ الأحزاب الكوردستانية بشكل عام تعمل لإجراء علاقات ودية مع القوى السياسية للشعوب التي تتعايش مع الكورد ، حتى تلك الأحزاب التي لا تعترف بالهوية القومية الكوردية ولا بأية حقوق للكورد ، وكذلك مع القوى السياسية في البلدان المجاورة التي تقتسم كوردستان، بينما تبقى العلاقات فيما بينها تشوبها البرود والتناحر ، إن كان على المستوى الجزء الواحد أو على المستوى الكوردستاني .
خلال العقود المنصرمة حدث العديد من حالات الإقتتال الداخلي بين تلك الأحزاب الكوردستانية التي تمارس الكفاح المسلح إلى جانب النضال السياسي لتحقيق طموح شعبها وبناء نظام ديمقراطي في البلاد، فالصراع المسلح بين الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني، أو الصراع المسلح بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني – عراق والديمقراطي الكوردستاني – إيران، والديمقراطي الكوردستاني – عراق وحزب العمال الكوردستاني – تركيا، وبين هذا الأخير والإتحاد الوطني الكوردستاني، وكذلك صراعه المسلح مع الديمقراطي الكوردستاني – إيران والصراع بين كوملة والديمقراطي – إيران وكذلك بيجاك مع بقية الأحزاب الكوردستانية – إيران وصراع ب.ك.ك مع بقية الأحزاب في كوردستان الشمالية والصراعات مستمرة ليومنا هذا ، خاصة بين العمال الكوردستاني – تركيا والديمقراطي الكوردستاني – عراق .
الحالة بالنسبة إلى الأحزاب التي تمارس النضال الديمقراطي السلمي ليست بأفضل منها لأن هذه الأحزاب لا تملك السلاح لذا الطابع العام لصراعها هو خلق التوترات والاتهامات الباطلة والرخيصة ، التي تحول دون خلق الأرضية المناسبة للتحاور والوصول إلى تفاهمات، وبرامج للعمل المشترك لإنتزاع الحقوق القومية لشعب كوردستان في هذا الجزء أو ذاك.
لغاية اليوم لم تستطع الحركة السياسية الكوردستانية من إيجاد رابطة أو جبهة ( كل حزب يعمل بمفرده إن كان على مستوى الجزء الواحد أو على مستوى كوردستان، في الوقت الذي تعمل حكومات الدول التي تغتصب كوردستان بشكل جماعي وتتعاون في منع إيجاد حل سياسي عادل لقضية الشعب الكوردي ، رغم الخلافات القائمة بين تلك الدول ، في الوقت الذي يناشد فيه جماهير شعب كوردستان بأن الحاجة والمصلحة القومية تتطلبان التنسيق والتحالف بين معظم القوى السياسية الكوردستانية ، بغية إيصال قضيتهم العادلة إلى المحافل الدولية، و إلى القوى الدولية الفاعلة على المستوى العالمي، للحد من إدعاءات الأنظمة التي تقتسم كوردستان ، بأن الكورد عبارة عن مجموعات قبلية ولا يوجد بينهم تلك الروابط التي تؤهلهم لأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، وأنهم عنصر عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط .
إنَّ تقاسم كوردستان بين عدة دول تختلف في بُناها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية أحدثت أثاراً عميقة في المجتمعات الكوردستانية في تلك البلدان وعلى جميع صعد الحياة ، فمجتمعات المركز في هذه البلدان تجذب الأطراف وتفرض معظم أوجه علاقاتها على تلك الأطراف و بالدرجة الأولى العلاقات الإقتصادية والتجارية حيث خلقت نوع من المصالح بين فئات من المجتمع الكوردستاني مع فئات مجتمعية من المركز وهذه العلاقة تسقط بهذه الدرجة أو تلك على جميع مناحي الحياة الأخرى، وبالتالي تؤدي إلى خلق تباعد على المستوى الكوردستاني وهذا كله يفرض على الحركة الوطنية الكوردستانية في كل جزء مسارين من العلاقات ، مسار على مستوى القومي الكوردستاني ومسار على المستوى الوطني لتلك الدول ، إلى جانب التوافق بين هذين المسارين.
هنا يجب الوقوف عند الوضع الناشئ بعد القضاء على نظام البعث الصدامي في العراق وظهور العراق الجديد الذي يحاول إحداث تحولات للخلاص من إرث الدكتاتورية والقيام بإصلاحات ديمقراطية لكنه مازال متعثرا في مسيرته، فالدستور الجديد (الحالي )لعام /2005 ، إذا ما ألتزم به ، قد وضع الأسس لتجاوز العديد من القضايا التي كانت تسبب عدم الإستقرار و أوجد طرائق و حلول للمشاكل والمصاعب الكبيرة أمام تطور العراق، بالنتيجة شهد إقليم كوردستان تقدماً على مختلف الصعد وانعكس ذلك التقدم بشكل إيجابي في خلق علاقات إقتصادية وثقافية على المستوى الكوردستاني إلى جانب استقدام عمالة واسعة من بقية أجزاء كوردستان ، أما على الصعيد السياسي فلم يبلغ المستوى الإقتصادي لا بل يشوبه الكثير من الحساسية والتوتر، حتى بين أطراف القوى السياسية في الإقليم ذاته ، إلا أن عدم إلتزام الحكومة الإتحادية بروح ونص الدستور ومواده وخاصة المادة ١٤٠ بخصوص المناطق الكوردستانية المستقطعة من جغرافية الإقليم و ما تعرضت له محافظة كركوك و كذلك ما يتعلق بالموازنة العامة للعراق الاتحادي الفيدرالي وحصة اقليم كوردستان ، خلق نوع من الريبة والشك وبالتالي فقدان المصداقية بين بغداد وهولير وخاصة بعد إجراء ريفراندوم أكتوبر/أيلول عام 2017 حول حق تقرير المصير لشعب إقليم كوردستان في الإستقلال .
بعد نشوب الإنتفاضة السورية ورغم ما تعرض ويتعرض له كوردستان الغربية من محاولات فرض إرادات خارجية تستهدف إنهاء الوجود الكوردي فيها من خلال الحرب التي شنتها جبهة النصرة والمتحالفين معها وبدعم تركي وأموال قطرية أو الحرب التي شنتها داعش وبدعم من دول إقليمية مثل تركيا وإيران ونظام الأسد والتحالف الشيعي في العراق و كذلك إحتلال منطقة جرابلس وعفرين وفيما بعد رأس العين\سري كانيي وتل أبيض\ كري سبي من قبل القوات التركية، ومباركة الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوري وبمشاركة مرتزقة ، من ما يسمى بالجيش الوطني العائد للإئتلاف المذكور.
يشهد اليوم شرق الفرات نوع من النهوض الإقتصادي بعد أنْ مُنع النظام من استمراره باستنزاف المقدرات الإقتصادية للمنطقة، وهناك حركة تجارية وإقتصادية نشيطة مع إقليم كوردستان ، إلا أنَّ الحصار الذي يفرضه النظام والمنظمات الإرهابيه والإحتلال التركي على المنطقه له آثار كارثية على معيشة الناس ومن أبرز صور ذلك الحصار قطع مياه الخابور والفرات من قبل دولة الإحتلال التركي مما ينعكس على توليد الكهرباء ومياه الشرب وبالتالي خلق أزمة صحية وبيئية تمس حياة الإنسان في شرق الفرات .
إلا أنه رغم الروابط الإقتصادية التي تشكلت مؤخراً والتبادل الثقافي والإبداع الفني إلا أن ذلك لم ينعكس بنفس القدر على العلاقات السياسية، وهذا هو جوهر موضوعنا، على العكس خلق استقطاب تناحري حول المراكز السياسية الأكثر قوة مثل الحزب الديمقراطي الكوردستاني – العراق، وحزب العمال الكوردستاني -تركيا ، بفارق و نسب متفاوته من حيث التدخل المباشر .
معظم أحزاب كوردستان الغربية ، فقدوا شخصيتهم الإعتبارية ولم يعد يعتبرون شرعيتهم مستمدة من شعب كوردستان – سوريا ومن تمثيله السياسي الحقيقي، إنهم يستمدون شرعيتهم المزعومة بالإستقواء من الأقطاب الكوردستانية، لذا تجد الأحزاب في وادي غير وادي شعب كوردستان الغربية ، الذي يبحث عن بديل حقيقي يدافع عن قضيته ويمثل إرادته بحق .
إن توجه أحزاب الحركة الوطنية الكوردية نحو الأجزاء الأخرى من كوردستان ليست وليدة الحالة التي تشكلت على خلفية الإنتفاضة السورية في آذارعام 2011 إنما تسبقه بعقود من الزمن وقد لعب في ذلك عدة عوامل نذكر منها
العامل الأول : بعد الإنشقاق الذي حدث للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عام 1965 تراجع طرفي الحزب عن أهداف و توجهات الحزب الأم . ومع تشدد الدكتاتورية في سوريا حدثت الانشقاقات المتكررة في جناحي الحزب ، ضعفت الحركة وذهبت معها الآمال لمواجهة سياسات النظام العنصرية ضد الشعب الكوردي، ولكي تتهرب قيادات الأحزاب من مسؤولياتهم قاموا بتوجيه أنظار الشعب الكوردي نحو أجزاء كوردستان الأخرى ، خاصة كوردستان العراق، وفيما بعد نحو كوردستان تركيا نتيجة الفراغ السياسي ، بعد إعلان حزب العمال الكوردستاني عن بدء العمليات العسكرية ضد تركيا /1984 وبمساعدة مباشرة من نظام حافظ الأسد .
العامل الثاني: علاقة الأحزاب الكوردستانية التي مارست الكفاح المسلح كأحد أساليب النضال من أجل انتزاع الحقوق القومية للشعب الكوردستاني، ( حزب الديمقراطي الكوردستاني -العراق والاتحاد الوطني الكردستاني –العراق، حزب العمال الكوردستاني- تركيا )، تحتم عليهم إجراء علاقات مع الأنظمة الغاصبة لكوردستان وفي المقدمة سوريا في ظل حكم حافظ الأسد و لإرضاء النظام السوري الذي كان يريد توجيه أنظار الكورد في سوريا إلى خارج البلاد وإلى بقية أجزاء كوردستان قامت هذه الأحزاب في إبداع مقولة ساحة (المركز والأطراف ) والتي وجدت صدى إيجابياً لدى معظم قيادات الأحزاب الكوردية في كوردستان الغربية ، وتبنوا هذه المقولة للتغطية عن عجزهم وعن عدم رغبتهم التصادم مع النظام، رغم غياب هذه الأحزاب عن الإتفاقيات التي عقدت بين تلك الأحزاب الكوردستانية ونظام دمشق .
من الخطأ الركون لهذه المقولة والواقع كشف ويكشف اليوم شيء آخر، في الوقت الحالي نشاهد الجزء الأصغر من كوردستان يتقدم على الأجزاء الكبيرة ككوردستان تركيا وكوردستان إيران ، هنا لا نود الدخول في التفاصيل ، لكن في الواقع التقسيمات التي جرت في الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى والثانية لم تكن نتيجة إرادة شعوب و كيانات المنطقة بل كانت نتيجة العامل الخارجي أو كما يسمى في الفلسفة العامل الموضوعي، ورغم أن العامل الذاتي يعتبر العامل الرئيسي والمتقدم إلا أنه في الحالة الكوردستانية بتصورنا يعتبر العامل الدولي هو الأكثر فعالية ( وهذا لا يعني عدم الإهتمام بالعامل الذاتي )، ويعود ذلك لتشابك العلاقات والمصالح الدولية من جهة و من جهة أُخرى قيام الدول التي تتقاسم كوردستان بعقد تحالفات و معاهدات أمنية لمحاربة تطلعات الشعب الكوردي التواق إلى الحرية والعيش بكرامة كبقية شعوب المنطقة، فالدول التي تتقاسم كوردستان تختلف وتتخاصم فيما بينها في معظم القضايا باستثناء التآمر على القضية الكوردستانية ، إنهم فقط يتفقون حول معاداة الكورد، من هنا يأتي أهمية العامل الدولي ، فمصالح القوى الدولية ، لها الدور الفاعل وهذا ما وجدناه في كوردستان العراق عندما قامت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت بالمصالحة بين الحزبين الرئيسيين في كوردستان العراق، واليوم هناك تواجد للقوات الأمريكية والتحالف الدولي ضد الإرهاب في شرق الفرات ويقوم الدبلوماسيون الأمريكييون والفرنسييون بإجراء مصالحة بين الإدارة الذاتية، و ENKS في كوردستان الغربية ، يقيناً لهذه الدول عن أهمية حل القضية الكوردية في سوريا لضمان الإستقرار في البلاد مستقبلاً.
رغم الظروف الجديدة التي رافقت القضاء على نظام صدام في العراق وإقرار الفيدرالية لكوردستان العراق لم تستطع الحركة الوطنية الكوردستانية إيجاد مرجعية لها على مستوى كوردستان ، كتحالف أو جبهة سياسية أو أي شكل آخر للعمل المشترك ، ورغم المحاولات العديدة إلا أنها لم تسفر عن نتائج إيجابية، ويعود ذلك إلى الصراع بين القوى الكبيرة للهيمنة على مستوى كوردستان لافتقار تلك القوى لعقلية العمل المشترك وهيمنة عقلية التفرد والتحزب، يضاف إلى ذلك علاقة تلك الأحزاب مع كل من إيران وتركيا تحول دون التوجه نحو العمل المشترك على أسس من التعاون والإحترام المتبادل ، وعلى مستوى اقليم كوردستان الفيدرالي و بعد نفاذ مهام ( الجبهة الكوردستانية) المرحلية التي كانت تعتبر نموذج تحالف ثوري متقدم في عموم كوردستان ، سادت المحاصصة الحزبية ولم ينجم خلال ثلاثة عقود من الحكم بناء مؤسسات وطنية كوردستانية على المستوى العسكري والأمني و و لم يجري نهوض إقتصادي منتج و لا تحولات في البنى الإجتماعية ، باستثناء الإستثمار في الجانب الخدمي والعمراني و اهتمام في الجانب التعليمي والثقافي والسياحي و تطور في العلاقات الدبلوماسية و في العلاقات العامة ويعود العلاقة الغير مستقرة مع بغداد أحد أهم العوامل التي تساهم في ذلك .
إستناداً إلى الحالة التي تعيشها كوردستان وتقسيمها بين عدة دول ذات بنى إقتصادية وإجتماعية وثقافية مختلفة فإن الخطاب السياسي الكوردي في كل جزء من كوردستان يجب أن يتكون من بعدين من الطرح البرنامجي:
١- بُعد كوردستاني عام .
٢- بُعد ينطلق من الوضع الحالي القائم نتيجة تقسيم كوردستان وإلحاقها بدول أخرى.
تتميز حالة انقسام كوردستان ( حالة إنقسام الشعب الكوردي) عن مثيلاتها من الدول والشعوب ، لتمتع تلك الشعوب بكافة الحقوق ومشاركتها في السلطة وإدارة تلك البلدان من دون تمييز في دول العالم المتحضر ، لذا تلاشت لديها النزعة نحو الدولة القومية، أما الشعب الكوردي ففي جميع أجزاء كوردستان المقتسمة والذي من المفترض أن يكون شريك مع شعوب و قوميات تلك الدول ، تعرض ويتعرض إلى الإضطهاد وسياسة الصهر العنصري، ومورست بحقه القتل والإبادة الجماعية واستخدام السلاح الكيماوي في كل من العراق وتركيا والحالة في إيران وسوريا لم تكن أحسن بكثير منهما و تم مصادرة الحقوق وأهملت المناطق من خطط التنمية وتم سحب الجنسية من قسم كبير من الكورد في سوريا، وجعلوا من كوردستان سوريا منطقة حرب ، حدودية ، على غرار المناطق المحاذية لإسرائيل للحد من التنمية الإقتصادية والإجتماعية، هذه السياسات التمييزية والعدائية تجاه الكورد شغل الإنتماء إلى البعد الكوردستاني حيزاً وأهمية أكبر في الشعور و الإحساس القومي وهذا ما نشاهده في الخطاب الحر عند أحزاب الحركة الوطنية الكوردستانية .
٢- بعد تخلي الحلفاء عن إنشاء دولة كوردستان، بموجب معاهدة سيفر 1920، اعتمدت معاهدة لوزان عام 1923، من قبل فرنسا و حكومة أنقرة لترسيم الحدود السياسية لتركيا الكمالية ، بحدودها الحالية ومن ضمنها الجزء الأكبر من كوردستان وبعد فشل العديد من الثورات الكوردية عقب تلك المعاهدة الجائرة بحق شعب كوردستان، وتخلي كمال أتاتورك عن الوعود التي تعهد بها للكورد ، بأن تركيا ستكون دولة الكورد والترك معاً، ظهر حاله جديدة – حالة العيش المشترك بين شعوب بلدان العالم ، خاصة ومع إنتشار الأفكار الشيوعية واليسارية التي تدعو إلى الإشتراكية والأممية ونبذ العنصرية وتبني مفاهيم المساواة والعيش المشترك والنضال ضد الإضطهاد والإستغلال فحاولت الحركه السياسيه الكوردية في سوريا التلائم مع الوضع القائم بعد الحرب العالمية الثانية واتجهت نحو المشاركة مع الحركة السياسية على مستوى البلاد إلا أن عدم قبول القوى السياسية السورية الإعتراف بالهوية القومية الكوردية ومنحهم الحد الدنيا من الحقوق، أحدثت هوة بين الحركة الكردية وبين تلك القوى السياسية واليوم وبعد اندلاع الإنتفاضة السورية ما تزال القوى السياسية السورية ترفض الإعتراف بالهوية القومية للشعب الكوردي وتثبيته في الدستور القادم ، لا بل تدخل في تحالفات مع الدول الإقليمية ضد شريكها في الوطن وخير مثال علاقة الإئتلاف الوطني السوري مع تركيا ومساعدتها في احتلال أجزاء من سوريا ( جرابلس، إعزاز، عفرين، سري كاني، كري سبي)، ورغم هذه المواقف السلبية تبقى الحركة الوطنية الكوردية تعمل على إنهاء الدكتاتورية في سوريا وبناء دولة ذو نظام ديمقراطي علماني تفصل فيه السلطات الثلاث عن بعضها، ويتم الإعتراف الدستوري بحقوق جميع المكونات السورية، وتلتزم الدولة السورية بكافة الوثائق الدولية فيما يخص حقوق الإنسان والمرأة.
هذه الحالة التي يعيشها الشعب الكوردي فرض على الحركة الكوردية خطاب سياسي ذو مسارين ، وطني وقومي ، قد يبدو متناقضين، لكن في الحقيقة هو خطاب تقدمي وتحرري لأنه في جوهره ضد الظلم والاضطهاد ومتوافق مع مبادئ الأمم المتحدة في حق الشعوب بتقرير مصيرها بنفسها، لهذا يتطلب من الحركة السياسية الكوردستانية التوافق بين هذين المسارين بعد التأكيد:
- تجنب سياسة المحاور التي تؤدي إلى الإنقسام على المستوى الكوردستاني وتضر بالنضال التحرري وتسهل على الأنظمة التي تغتصب كوردستان التدخل في شؤونها الداخلية وتلحق بها أفدح الأضرار .
-احترام خصوصية كل جزء وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو في جلب خلافات الأطراف الكوردستانية الأخرى إلى ساحاتها والإبتعاد عن عقلية وتفكير الوصي والإهتمام وتوجيه الطاقات إلى شؤونها الداخلية وتحقيق المكتسبات لشعبها في ذلك الجزء من كوردستان ، هو أفضل خدمة لإخوانهم في الأجزاء الأخرى إنطلاقاً بأن تحقيق أي مكسب سيكون له انعكاس إيجابي على بقية أجزاء كوردستان .
-العمل على تأسيس رابطة كوردستانية تجمع كافة القوى دون استبعاد أي طرف كوردستاني بهدف إجراء حوار وتبادل الآراء ووضع ضوابط للعمل القومي الكوردستاني بهدف تحسين العلاقات بين تلك القوى حول مجمل أوضاع شعب كوردستان والمصاعب التي تواجهه، وبناء المؤسسات لتقديم الدراسات والأبحاث حول أوضاع الأمة الكوردية وسبل تحسين أداء عمل حركتها السياسية، وتبيان المخاطر التي تحدق بها ووضع سياسات واستراتيجيات وسبل تساعد تلك القوى على إيصال مطالبها وحقوقها العادلة إلى المحافل والقوى الدولية، بهدف تدويلها وإيجاد حل عادل لها. لقد جرى العديد من المحاولات والدعوات وعقد العديد من اللقاءات والإجتماعات على المستوى الكوردستاني ولغاية اللحظة لم تتمكن القوى الكوردستانية من إنجاز هذه المهام، ومن الأسباب التي تعيق تحقيق هذا الهدف ، عمل بعض الأطراف الكوردستانية لبسط هيمنتها على هذا المشروع.
– إدانة استخدام العنف كحل للخلافات بين القوى الكوردستانية، وتحريم الإقتتال الكوردي والدعوة إلى إتباع الحوار السياسي البناء لتعزيز الجبهة الداخلية وحمايتها من السياسات والمخططات المعادية .
مصلحة شعب كوردستان يتطلب من أحزاب الحركة العمل على تأسيس علاقات صحية فيما بينها، والتخلص من فكرة الهيمنة، والتحرر من عقلية التبعية، وما ورد في مضمون هذا الموضوع يمكن أن يكون قاعدة لتأسيس وتحسين العلاقات بين تلك الأحزاب لتجاوز حالة الإنقسام والخوف من الآخر وعدم الثقة السائدة ومن المفيد اعتباره جسر يؤدي إلى التوصل إلى توافق كوردستاني لتأسيس رابطة كوردستانية تضع إستراتيجية للعمل المشترك على المستوى الكوردستاني العام .