بطقوس دينية خاصة يحيي الإيزديون في العالم عيد “خضر الياس” الشخصية النورانية المقدسة لديهم والذي يتوافق مجيء عيده في موسم الربيع في شهر فبراير من كل عام، ويعرف بعيد خصوبة الطبيعة وقدوم البركة.

في هذا العيد، تحضر النساء الإيزيديات الموائد المزدانة بالأطباق الخاصة بالعيد الذي يحتفل به بعد صوم 3 أيام، تبدأ يوم الاثنين 15 نوفمبر وتنتهي صبيحة يوم الخميس 18 من الشهر نفسه، وهو اليوم الذي يخصص لعيد خضر، في حين أن يوم الجمعة يخصص لعيد الياس.

ويعتبر “خضر الياس” شخصية مبجلة لدى الإيزيديين ويضفون عليه صفة القدسية باعتباره نبيا أو وليا من أولياء الله الصالحين، الملبي بحسب المعتقدات الدينية القديمة رغبات وأمنيات محبيه المؤمنين إذا كان الداعي من المعوزين والمحتاجين فدعواته مستجابة.

طقوس العيد من فبراير إلى مارس

مع بداية شهر فبراير يحضر الإيزيديون لعيد: خضر الياس، فيحرمون على أنفسهم أكل المنتجات الحيوانية وقتل الحيوانات.

خلال شهر فبراير يحرم الخروج للصيد أو التجوال في الوديان والبراري، للحفاظ على الثروة الحيوانية فالموسم هو موسم تزاوج والتكاثر في الطبيعة.

كما ان السفر والتنقل غير مرغوب في هذه المناسبة، لغاية شهر مارس.
العيد يقع في يوم الخميس الأول من شهر فبراير شرقي في التقويم الأيزيدي المصادف 18 فبراير ميلادي ويستمر يومين، يوم لخضر ويوم لالياس، يسبقه صيام 3 أيام في الايزيدية (الاثنين 15 والثلاثاء 16 وينتهي بمغيب شمس يوم الأربعاء 17″. هناك أطباق خاصة، تميز الاحتفالات الإيزيدية بصيام خضر الياس وعيده، وهي الحلاوة الخاصة التي تعتبر من أقدم أنواع الحلويات التي عرفها الإنسان وتعرف باسم “بيخون”، Bê xûn التي تعني بدون دم، وفي ذلك إشارة لعدم سفك دماء الحيوانات التي تقدم كأضحية في جميع المناسبات الأخرى.
ويشير الإيزيديون أن “بيخوين” تصنع من 7 أنواع من الحبوب والبقوليات المجففة، هي القمح والفول والحمص والعدس والسمسم والذرة وبذور عباد الشمس، وقليها على صاج يسمى نارها بـ”الجافوف” وطحنها بحجر الرحى كطقس يبعث البركة.
طحين المكونات السبعة تخلط مع رشة ملح بالسمسم ودبس التمور أو ما يسمى بعسل التمر وتسمى بـ’خبيسة‘ أي بدون دم والخالية من المنتجات الحيوانية، هذه الأكلة يحضرها الأشوريون أيضا في ثالث يوم باعوثة.
ويقول المؤرخون: “تكور خبيسة في شكل دائري يرمز منه لكروية الأرض وتضعه النساء في صواني ويقدمنه للمعيدين الزائرين يوم العيد”.
أيضا المرأة الإيزيدية تطبخ حساء الحبوب واللحم الذي يسمى بالهريسة وبكميات كبيرة لتوزعها على الفقراء والمحتاجين وعلى الجيران والمقربين.

وتخبز بعض الأسر الإيزيدية خبزا يسمى “سيلك” إلى جانب العجينة الخالية من المنتجات الحيوانية والذي يصنع من طحين القمح والماء ويخبز على الصاج.
الاعتقاد السائد لدى الإيزيدية في هذه الأيام المباركة، هو أن خضر الياس يحقق آمال الشباب المقبل على الزواج، فيكثر العازبون من تناول الحبوب المملحة المقلية ليالي الصوم ويقللون من شرب الماء اعتقادا منهم أن خضر الياس يزورهم في منامهم ويسقيهم ماء فتقلب أحلامهم لحقيقة ويتزوج من يجد نفسه مع خضر الياس من فتاة تسكن منطقة حلم فيها.

وصاحب الرؤيا يعتبر “بحسب اعتقاد الايزيديين صادقا في إيمانه وقوله وعمله وأن شربه الماء من يد خضر الياس يمنحه السعادة طوال حياته مع الشابة التي ستصبح زوجته مستقبلاً”.

و تقوم العوائل الأيزيدية بوضع صحن من السويق وهو طحين في مكان ما في البيت بغية زيارة خدر الياس ليترك آثاره الدالة على زيارته، وإذا نظرت عائلة ما تلك الآثار اعتقدت أن تلك السنة هي سنة خير وبركه للعائلة.

خضر الياس في التراث العالمي:

في أواخر 2016 صنفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” عيد خضر الياس ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي بعد ان أحالت وزارة الثقافة العراقية، في شباط 2015 ملفاً خاصاً بأعياد وطقوس خضر الياس إلى منظمة اليونسكو، لغرض تسجيله على قائمة التراث الثقافي لعام 2016.

فأهمية “عيد خضر الياس” لا تكمن في إدراجه على قائمة اليونيسكو للتراث الثقافيّ بل لكونه تقليد ديني واجتماعي تمارسه الايزيدية والمسيحية واليهودية والاسلام على اختلاف طوائفهم وقومياتهم.