حول التهديدات التركية بإنشاء منطقة آمنة على طول الحدود التركية السورية ,خاصة في مناطق شرق الفرات وتوطين 1.5 مليون لاجئ سوري فيها,عقد في مكتب حراك خوى بون في قامشلو ندوة حوارية ضم عدد من السياسيين والمثقفين ,إضافة الى عدد من الحضور, وشارك في محاور الندوة الأساتذة (أكرم حسين – فهد الشيخ سعيد-عبدالحميد خليل – د.سليمان إلياس – عبدالباقي يوسف – محمد حسين – نافع عبدالله- نايف جبيرو) , حيث تناولت الندوة المحاور التالية:
- التهديدات التركية الأخيرة بإنشاء منطقة آمنة على محاذاة الحدود التركية في شرق الفرات
- خلفيات نوايا تركيا لإقامة منطقة آمنة على طول الحدود التركية السورية بما يشمل معظم جغرافية كوردستان الغربية لتوطيين لاجئين سوريين فيها , فهل ستكون هذه المنطقة ملاذاً آمناً فعلاً ؟.
- هل تركيا جادة فعلاً في تنفيذ مخططها، بصرف النظر عن الضوء الأخضر الأمريكي أو الروسي، وما الهدف من هذه التهديدات؟
- تبعات تنفيذ المشروع التركي على مستقبل كوردستان سوريا , ماذا يجب أن تفعله الحركة الكوردية لمنع تنفيذ مشروع أردوغان من جلب 1,5مليون لاجىء من التركمان والعرب وتوطينهم على طول الحدود لتغيير ديموغرافية كوردستان الغربية ( كوردياً، إقليمياً، ودولياً ).
- هل يجب الإنتظار ريثما نتحقق إن كان المجتمع الدولي أو أمريكا وغيرها سيعطون الضوء الأخضر لتنفيذ تركيا مخططها، أم يجب التحرك سريعاً قبل أن يحصل مالا يحمد عقباه؟.
- ماهي الخيارات المتاحة لتجاوز التهديدات التركية المستمرة. كانت آراء المشاركين في الندوة متقاربة جداً حول خلفيات ونوايا التهديدات التركية لإجتياح المنطقة، وكذلك حول ضرورة توحيد الموقف من هذه التهديدات، بينما كانت هناك إختلاف في جدية تنفيذ أردوغان لتهديداته بصرف النظر على حصوله الضوء الأخضر الأمريكي أو الروسي, وأكد الجميع على أن الرئيس التركي يستهدف الكورد بالدرجة الأولى ,وأن مسألة إنشاء المنطقة الآمنة ماهي إلا ذريعة تركية لتنفيذ مخططها للقضاء على أي طموح كوردي في التحرر وأن يصبحوا شركاء في بناء سوريا المستقبل. وأشار المشاركين في الندوة أن مشروع المنطقة الآمنة مطروح منذ عام 2013 من قبل تركيا والآن ظهرت خفايا ذلك المشروع,وما يطرحه الأتراك ليس منطقة آمنة وإنما خلفيتها سياسية وليست إنسانية,خاصة وأن المناطق الآمنة لا تنشأ على المساحات الطولية الحدودية,والمشروع يستهدف الوجود الكوردي وتتريك المنطقة بالدرجة الأولى. الخط الحدودي وموضوع إقامة كيان كوردي مشروع استراتيجي لدى الأتراك,وهذه تحتاج الى وسائل التنفيذ وهي المراهنة على العلاقات الدولية من جهة والمراهنة على الخلاف الكوردي الكوردي من جهة ثانية,فهي تحاول أن تبرهن للأمريكيين وغيرهم, أنه لا يمكن الإعتماد على هذا المكون لتحقيق مصالح أي دولة عن طريقهم. تركيا ستحاول الحصول على الضوء الأخضر من أمريكا أو روسيا ,ولكن إذا ما لم تحصل عليه وأدركت أن الكورد ربما يكسبون استحقاقاً ما, ربما ستغامر حتى بالدخول في حرب مع أمريكا أو غيرها من الدول,لأن تركيا تنظر الى المسألة بعين الوجود أو اللاوجود ,والتصريحات الأخيرة لأردوغان بشن هجوم على منبج وتل رفعت بداية لتنفيذ مشروعه بانهاء أي وجود كوردي في المنطقة. لذلك فتركيا جادة في تهديداتها وسواء حصلت على الضوء الأخضر الأمريكي أم لا,سيكون هناك توغلات تركية قي المنطقة. إن إنشاء منطقة آمنة في أي دولة تمر بحرب داخلية تحتاج الى قرار دولي, وتركيا تدرك ذلك، بالمقابل لتركيا سياسة واضحة تجاه أطماعها في سوريا، وخاصة تجاه الشعب الكوردي, فهم ضد قيام أي كيان كوردي في أي منطقة في العالم. ففي شهر آذار من عام 2016 عقد الرئيس التركي لقاءً مع كتلته البرلمانية وقال صراحة أننا لن نسمح بقيام كيان كوردي في شمال وشرق سوريا,ونحن أخطأنا حينما سمحنا بقيام كيان كوردي في شمال العراق, لذلك لن نكرر هذا الخطأ من جديد. والموقف التركي من الكورد لايرتبط بالموقف من هذه الحركة أو ذاك إنما يستهدف أي طموح للكورد. ما تطرحه تركيا لأجل قيام منطقة آمنة لا تتوافق مع المعايير الدولية,لذلك فهي لا تطرح هذا المشروع على المستوى الدولي,مفهومها لهذه المنطقة هي تغيير ديمغرافية المنطقة وإخراج الكورد منها وتوطين السوريين من مناطق الداخل فيها , وتجربة شريط جرابلس – عزاز، وعفرين، وكري سبي، وسري كانيي تثبت ذلك,حيث الإنتهاكات اليومية وعمليات القتل والسلب وسرقة الآثار وفرض الأتوات على السكان الأصليين، وغيره من الإجراءات بهدف تهجيرهم وتتريك المنطقة. تركيا تدرك جيداً أن الخريطة الجيوسياسية لهذه المنطقة ستتغير مستقبلاً,لذلك فهي تحاول قدر الإمكان الحفاظ على الحد الأدنى من الجغرافية التي تسيطر عليها,والحفاظ على الميثاق الملي. تركيا منذ بداية الازمة السورية تدخلت وفتحت أحضانها للسوريين وحصلت على الدعم والمساعدات والمعونات الدولية,والآن هي تستثمر هذا الدعم وما تملكه من أوراق قوية للوقوف ضد قيام أي كيان كوردي، لذلت فهي تحاول بدعم ومساعدة القوى الدولية والإقليمية تحت عنوان توطين اللاجئين تحقيق بعض الأهداف. وإذا نفذ أردوغان مخططه,فلن يكون هناك وجود لأي شيء كوردي,لن يبقى وجود لا للإدارة الذاتية ولا المجلس الوطني الكوردي ولا حتى للأحزاب الأخرى. وأشار المشاركون أيضاً أن الأمريكيين غير موافقين على إنشاء هذه المنطقة الآمنة، لذلك فمن الطبيعي أن تتوجه تركيا الى المناطق التي تحت السيطرة الروسية,وهي تعلم جيداً أن روسيا لن تنسحب من المنطقة خاصة بعد توقيع اتفاقيات بعيدة المدى وانشاء قاعدة حميميم ,وربما تلجأ مع روسيا الى المقايضات على بعض المناطق. تركيا ستحاول الدخول في الأراضي السورية قدر المستطاع,لتمتلك بذلك المزيد من الأوراق التي ستمكنها مستقبلاً استخدامها في موضوع الحل السياسي في سوريا,إضافة الى أن أردوغان لديه طموح في أن يستعيد حلم الإمبراطورية العثمانية وتنصيب نفسه سلطاناً عثمانياً. ورأى البعض أنه يجب وضع خارطة طريق للوقوف أمام هذه المخططات, فكلنا يعلم أن إنشاء المنطقة الآمنة ذريعة ولكن الهدف هو إنهاء الكورد وتحريمهم من حقوقهم,لذلك يجب البحث عن الحلول. الأمريكيين حاولوا ايجاد الحلول بين المجلس الوطني الكوردي وأحزاب PYNK ,ولكن تعثرت هذه الحوارات وسط اتهام الطرفين لبعضهما البعض بعرقلة نجاحها. لا شك أن تركيا لديها الكثير من الأوراق وتسعى لتنفيذ مخططها الإستراتيجي,والسؤال هل يمكن لتركيا القدرة على تنفيذها أم لا؟. في هذا الصدد قال أحد المشاركين أعتقد أن تركيا لا تستطيع ذلك لعدة اعتبارات منها,أن كل من أمريكا وروسيا لن تسمحا لتركيا بخلق حالة عدم الاستقرار في المنطقة,ومايجري الآن في الشرق الأوسط ليس فقط قضية محاربة داعش أو الديكتاتوريات,سوريا اليوم أصبحت ساحة مفتوحة للصراعات الدولية, ودول مثل أمريكا وروسيا لن تسمح لتركيا أن تقوى نفوذها في المنطقة على حسابهم. من جانب آخر فأمريكا تدرك أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغيير جيوسياسي,ويعتبر الكورد أحد اللاعبين المستقبليين لها سيما وأن تركيا لم تعد ذلك الحليف اللإستراتيجي لها. روسيا أيضاً لديها مبادئ ثابتة حيال تركيا منذ عهد القياصرة وحتى الآن وهي لجم الطموحات التركية, كعودة الامبراطورية العثمانية , بالإضافة الى حلم روسيا بالوصول الى المياه الدافئة، لذلك فهي لن تعطي المجال لتركيا بالوصول الى مبتغاها. القضية الكوردية قضية كبيرة وتركيا دولة براغماتية وفي سبيل مصالحها ستذعن للأمر الواقع كما حصل معها في تعاملها مع إقليم كوردستان العراق,وذلك بعد الضغط الدولي على تركيا,وربما يتكرر نفس السيناريو. وفي القسم الثاني من الندوة قدم المشاركون جملة من الحلول والإقتراحات لمجابهة المخطط التركي وكانت الآراء متقاربة ومن تلك الإقتراحات :
- ضرورة التوجه الى المجتمع الدولي للجم مساعي أردوغان,ولتحقيق ذلك يجب العمل بشكل مكثف من خلال الإعلام على فضح هذه التهديدات, والقيام بالإعتصامات والمظاهرات في المهجرأمام السفارات التركية,كما يجب الإسراع في عقد اللقاءات بين القوى السياسية في الداخل,وعلى القوى والأحزاب المنضوية في الإدارة الذاتية الضغط على PYD بوقف الإستفزازات من مثل رفع صور زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله أوجلان وأعلام PKK ,أيضاً الإتصال مع الأتراك لفهم مطالبهم ,أي التعامل بالمثل وممارسة سياسة المصالح كما يجري الآن مع كوردستان العراق حيث يتم استقبال القيادة الكوردستانية بشكل رسمي كلما اقتضت المصالح المشتركة.
- كذلك رأى البعض أنه لا يجب مساواة المجلس مع الإدارة,فحينما يعلو صوت الرصاص تنعدم أو تسكت السياسة, وهو ما نراه في الحالة السورية عامة ,حيث لم نعد نسمع أصوات القوى السياسية في ظل صوت الرصاص.
- ورأى المشاركون أنه يجب أن نتقبل بعضنا البعض لنبحث عن المشتركات, فلماذا يستطيع الكوردي الجلوس والحوار مع الغير فيما لا يتقبل ذلك مع أخيه الكوردي,لن نستطيع الحصول على أي مكسب مالم نتقبل بعضنا البعض.
- كذلك يجب على الحركة السياسية الكوردية تفهم ماتقصده تركيا من تهديداتها بانشاء المنطقة الآمنة,فتركيا لن تقيم منطقة أمنة على غرار المنطقة الآمنة التي أقيمت في كوردستان العراق, هدفها ابعاد PKK عن حدودها,وتسعى جاهدة بإخبار الغرب عن خطرPKK على حدودها وأنها جادة في ابعادهم وتسكين العرب مكانهم.
- أمريكا تعلم جيدا أن PKK عبر كوادرها وقياداتها تحكم شرق الفرات وpkk بالنسبة لأمريكا حزب مصنف ضمن قوائم الإرهاب ,ولذلك فهي لن تستطيع تقديم الدعم والمساعدة العلنية إلا في نطاق تقديم الدعم لمحاربة داعش, ما يجري حالياً أن كل القوى السياسية الكوردية تعمل لصالح أجنداتها الحزبية الضيقة,أنصار PKK يعملون لصالح حزبهم ,كذلك أحزاب المجلس الوطني ولاءهم لإقليم كوردستان , والنتيجة هجرة مواطني روجآفايي كوردستان وإفراغ المنطقة من سكانها, ولتدارك الخطر والوقوف بوجه هذه المخططات, لابد للكورد من الحوار والتكاتف وتشكيل جبهة موحدة,والعمل على الخط الدبلوماسي ,لأن الأمريكيين أنفسهم يقولون أن الكورد لن يستطعوا تحقيق أهدافهم بالسلاح والحروب.
- يجب على الحركة السياسية الكوردية التحرك سريعاً بتشكيل وفد من كافة القوى والأحزاب والمستقلين والاستفادة من تجربة إقليم كوردستان العراق وعلاقاتها الدولية ومحاولة اللقاء مع السفارات والقنصليات العالمية وشرح قضيتنا عليهم,كذلك يجب الجلوس مع الأتراك أنفسهم ومحاولة طمأنتهم أننا لسنا مصدر الخطرعلى أمنهم القومي وأن هناك مصالح اقتصادية مشتركة ويجب فتح المعابر المشتركة لإعادة الحياة الى المنطقة,لذلك يجب تجاوز الخلافات والعودة الى الحوار.
- نحن نفتقد الى القوة الضاغطة والسبب يتحملها الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكوردي على حد سواء.
يجب أن نحافظ على ما تبقى,كذلك يجب الإستفادة من الدروس والتجارب السابقة وتجربة إقليم كوردستان أكبر مثال,يجب على الحركة السياسية الكوردية أن تختار,أمامنا تركيا والنظام والمجتمع الدولي,قضيتنا مع النظام السوري ويجب الإسراع في التفاوض معه. - ورأى البعض أن الحوار الكوردي – الكوردي يجب أن تكون مسألة استراتيجية , ومحاولة عرقلتها من خلال بعض الممارسات الدائمة كحرق مكاتب المجلس والأحزاب المنضوية تحت سقفه,أو إعتقال أنصار المجلس وكوادرها الإعلامية خاصة ,أمر غير مقبول.
كذلك أشارت بعض الآراء على وجوب إنضمام القوى والأحزاب السياسية من خارج الإطارين, وكافة المكونات في شمال وشرق سوريا في الإدارة المشتركة الى الحوارات,لإغلاق الطريق أمام تركيا بعدم انشائها للمنطقة الآمنة والتدخل في شؤون المنطقة,ووجوب الإسراع في تشكيل إدارة تضم كافة المكونات وتعديل العقد الإجتماعي وإجراء انتخابات شفافة وعادلة . - ورأى البعض أن الإدارة الذاتية,بما لديها من سلبيات ,فهناك إيجابيات أيضاً, كحمل السلاح في وجه الإرهاب ونشر التعليم باللغة الكوردية وغيرها ,ويجب التفكيرفي إيجاد الحلول لتلك السلبيات ,والسبيل الى ذلك هو إنضمام المجلس الوطني الكوردي الى الإدارة الذاتية , ولابد أن تجتمع القوى السياسية الكوردية هنا للبدء بالعمل لصالح هذا الجزء من كوردستان,فليس من المعقول أن يكون هذا الجزء في خطر ويكون توجهي نحو جزء آخر.