خضر م. حسن
فرضية التطور في فلسفة أخوان الصفا:
يقول الأخوان في رسالتهم الثانية: “إنّ الله عز وجل لا يباشر الأجسام بنفسه ولا يتولى الأفعال بذاته بل يأمر ملائكته الموكلين وعباده المؤيدين فيفعلون ما يؤمرون”. والملائكة عند أخوان الصفا قوة من قوى النفس الكليّه. ويرون أن الموجودات كلها صادرة عن العلّة الأولى “الله عز وجل” الرقم واحد وفقاً لنظريه العدد الفيثاغورثيه، التي استغلها الأخوان في تفسير نظرية الفيض وتدرج الموجودات كما ان العدد اثنين هو أول عدد نشأ من تكرار العدد واحد، فان العقل هو أول موجود فاض من وجود الباري عز وجل، وعليه فإن الرقم واحد هو الله عز وجل و الرقم الثاني هو العقل ويمثل الرقم ثلاثة النفس الكليّه والعدد رقم أربعة الهيولى الاولى والعدد رقم خمسه يمثل الطبيعه وستة الجسم المطلق وسبعة الافلاك والرقم ثمانية الأركان ثم الرقم تسعة المولدات.
يرى الأخوان أن المعادن، النبات والحيوان كلها ناجمة عن اختلاط الأركان الأربعة، الماء، التراب، الهواء والنار. أمّا اتجاه التطور في هذه المولدات الثلاثه الحيوان، النبات و المعادن، فيرون ان آخر المعادن متصل بأول النبات وآخر النبات متصل بأول الحيوان وآخر الحيوان متصل بأول الإنسان وآخر الإنسان متصل بأول مرتبة من مراتب الملائكة. إن عمليه التطور عند إخوان الصفا لها شكلان، تطور داخلي و تطور خارجي. أمّا التطور الداخلي ففيه تنحل العناصر الأساسية إلى أول المولدات وتتحد فيما بينها ثم تنحل مرة اخرى وتتحد فيما يليه وهكذا حتى تصل إلى الحيوان الذي يتحلل بعد الموت الى تراب ومن التراب يكون النبات ومن النبات يكون حيوان وهكذا ك “الدولاب الدائري” هذا الوصف الذي اختاره الأخوان لحركة التطور “الدولاب الدائري”. أمّا التطور الخارجي، ففيه تقوم العلاقه بين الكائنات على أساس ذهني، إنّ كُل جنس له أنواع كثيرة دوني وعلوي وأخرى ما بين الطرفين. إن أدنى أطراف المعادن مما يلي التراب مثلا هو الجص والطرف الأشرف هو الياقوت والذهب الأحمر والباقي بين الطرفين، وكذلك بالنسبه للحيوان فمنه ما هو كامل ومنه ما هو ناقص ومنه ما هو بينهما، والحيوانات الناقصة متقدمة الوجود على الحيوانات التامه الخلقة بالزمان وذلك لإنها تتكون في زمان قصير، والتي هي تامة الخلقه تتكون في زمان أطول. ويرى الأخوان أن أدون الحيوان وأنقصه هو الحلزون لأن له حاسة واحدة. وتبقى رتبة الحيوانية أدنى من رتبة الإنسانية، إلا ان بعض الحيوانات تقترب من رتبة الإنسانية بصوره جسديه مثل القرد، وكذلك بصوره أخلاقية مثل الفرس وكذلك الفيل الذكي القلب.
إن أول المراتب الإنسانية التي تلي الحيوانية، هم أولئك الذين لا يهتمون بإصلاح الأجساد ولا يسعون لملذات الطعام والشراب والجنس، أمّا أعلى مراتب الإنسانية فهي ان يترك فيها الانسان كلُّ عملٍ مذموم اعتاده منذ الصغر، و يكتسب الأخلاق الحميدة ويعمل عملاً صالحاً ويبحث عن العلوم الحقيقيه ويتعلمها، وهذا هو “أخو الصفا”. فإذا مات وفارقت روحه الجسد، صعدت إلى السماء ودخلت في زمرة الملائكة.