نسبة كبيرة من اللاجئين هم من العاطلين عن العمل أو الهاربين من الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا، إلا أن من بين هؤلاء الكثير من أصحاب الخبرات والاختصاصات التي تحتاجها سوريا الآن وستفتقدها في المستقبل بعد انتهاء الحرب.
ومن أكثر الظواهر لفتا للنظرهو هجرة وهروب القوى البشرية السورية الماهرة، والنخبة العلمية والمهنية والحرفية.
غادر سوريا نحو نصف أطبائها، فالتقديرات تشير إلى مغادرة نحو 15 ألف طبيب من أصل نحو 30 ألفا، بينهم مختصون وأصحاب خبرة عالية.
تسببت هذه الهجرة بنقص حاد في عدد الأطباء في سوريا، وبعجز كبير في القطاع الصحي، حيث لا يجد المرضى في غالبية المدن السورية من يعالجهم، وإن وجدوا أصحاب الإختصاص فإن مواعيد الزيارات باتت طويلة جداً.
صرح الدكتور محمد عربي كاتبي مدير المركز الوطني للإختصاصات الطبية السنية (البورد السوري), أن عدد المسجلين من أطباء الأسنان في سورية بلغ حوالي 19ألف طبيب وهم ضمن تصنيف أطباء عامين وأخصائيين، في حين بلغت نسبة الأطباء الذين غادروا البلد مؤخرًا حوالي 20 في المئة من الأطباء.
و نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية مع معاناة الأطباء من الحالة المعيشية السيئة التي أثرت حتى على مستوى العلاج , نتج عن ذلك اضطرار الطبيب لعلاج مرضاه بمواد ذات جودة متدنية بسبب نقص الإمكانيات.
كل ذلك جعل من مزاولة مهنة طبيب الأسنان “تحدٍ بحد ذاته” كما وصفه مطلعون.
وأضاف”كاتبي” إلى أن التسعيرة المعمول فيها حالياً تم وضعها منذ عام 2013 وتم العمل بها في عام 2014 ولم يتم تعديلها بالرغم من الفروقات في الأسعار وتذبذب سعر الصرف.
هذه التسعيرة “منتهية الصلاحية” جعلت الطبيب يواجه إشكالية كبيرة في عدم قدرته على المعالجة بالسعر القديم من جهة ومخالفته للقانون في حال تم رفع أسعار المعاينة من جهة أخرى مع الأخذ بعين الإعتبار أن أغلب المواد مستوردة ومواد التصنيع المحلي لا تغطي إلا جزء بسيط من الإحتياجات الطبية.
والجدير بالذكر أن أخطر هجرة هي هجرة الأطباء الكبار الذين يُدرسون في كليات الطب بالجامعات السورية,حيث تركوا أماكنهم خالية، وأصبحت كثير من الكليات بلا كادر تدريسي قيّم, مما سينعكس سلباً على مستوى الجيل المقبل من الأطباء وعلى المستوى الصحي السوري بشكل عام.