كتب صديق رزو أوسي محمد عبدو النجاري عن تجربته مع الراحل عند محاولاتهما طباعة حكايات للأطفال باللغة الكوردية فقال:
كان الصديق الأديب المرحوم عبد الرزاق أوسي ( رزو) يقوم، في غضون سنوات كثيرة، بجمع وتدوين وتسجيل مئات الحكايات الكوردية الشعبية للأطفال، والحكم والأمثال والملاحم والقصائد الغنائية الكوردية.
كنا، أنا وهو، نقرأها ونسمعها وننتقي منها. فاخترنا في النهاية عشرين حكاية للأطفال منها، وزعناها في خمس مجموعات، وقدمناها في سنة 1991 إلى مديرية الرقابة في وزارة الإعلام التي كنت أعمل فيها. طالبين نشرها باللغة الكوردية.
لم يوافق مدير الرقابة ومعاون الوزير على طلبنا، فدأبت على إيصاله إلى الوزير، طلب الأخير موجزاً بالعربية عن فحوى الحكايات، الأمر الذي أنجزته بسرعة. وافق الوزير على طباعة الحكايات باللغة الكوردية، ولكن طلبه بترجمة ملخص لها أوحى لنا بترجمة الحكايات كلها إلى العربية ونشرها باللغتين الكوردية والعربية معاً.
نشرنا المجموعتين الأولى والثانية ” ديك ديكو” و ” لِب هِنارى” في حلّة قشيبة كما يُقال، على أن ننشر المجموعات الأخرى لاحقاً. دقّق النص العربي الشيخ توفيق الحسيني، وصمّم الغلافين الفنان الدكتور عبد الحكيم الحسيني، واللوحات الداخلية الفنان عبد السلام عبد الله والخطوط الفنان عبد الرحيم حسين. وبدأنا نوزعها متأملين أن الألفي نسخة ستنفد في غضون أسابيع قليلة. ولكن خيبتنا كانت كبيرة، لأننا لم نشاهد إقبالاً على الحكايات إنما غباراً يتراكم على أغلفتها في واجهات المكتبات. الأمر الذي دفع المرحوم رزو إلى جمع نسخه وترتيبها في صناديق ووضع الأخيرة في سقيفة بيته. أما أنا ففكرت في إضرام النار في النسخ الموجودة لدي، ولكنني لم أفعل ذلك لا أدري لماذا، إنما وزعت معظمها مجاناً على أطفال أقربائي وأصدقائي.
قررنا في سنة 2005 طباعة المجموعات الثلاث الباقية من الحكايات ” شنكي وبنكي” و ” بافي حبون” و ” فِندا شِمال” على أمل أن وضع الأكراد الثقافي قد صار أفضل. صمّمت أغلفتها ولوحاتها الداخلية المهندسة الفنانة نجاح عثمان.
ولكن حظ المجموعات الأخيرة لم يكن أفضل من حظ المجموعتين السابقتين.
وأنتم تقولون إن الأكراد وأحزابهم لم يهتموا بالثقافة!
مات رزو ولم يفتح صناديق حكاياته أبداً. تاركاً للمكتبة الكوردية أعمالاً أدبية وتراثية ثمينة.
تحيّة لروحك عبد الرزاق أوسي شاعراً وكاتباً وجامعاً التراث الكوردي ومحرّراً بمفردك تقريباً مجلة كوردية في أحلك الظروف القمعية. ومؤسِساً أولاً مع ثلاثة أصدقاء آخرين، لرابطة كاوا للثقافة الكوردية في موسكو في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ومسدّداً من كيسك أجور ترجمة أول رواية في سلسلة كتبها: الراعي الكوردي، ل عرب شمو.
قرأت ذات يوم ماكتبه الشاعر طه خليل في وصفك ” الصديق الرقيق كجناح الفراشة!”
وأنا أقول: الصديق الذي رحل نقياً نقاء الثلج فوق جبالنا الكورديةّ…

من هو رزو أوسي:

كاتب وناقد ولغوي كوردي خدم الثقافة الكوردية بصورة عظيمة.
اسمه الحقيقي عبدالرزاق علي أوسي ، ولد في قرية الدكشورية التابعة لمدينة تربسبية( غرب كوردستان)، في 10 من شهر تشرين الأول عام 1950م ، ودرس الإبتدائية في قرية التنورية المجاورة لقريته ، ثم انتقل الى قامشلو وأنهى دراسته الثانوية ، حيث عاد ودرس مادة الرياضيات في مدينة تربسبية ومن ثم سافر الى ألمانيا عام 1970م ودرس في إحدى جامعاتها لمدة عامين لينتقل بعدها للدراسة في روسيا حيث نال شهادة هندسة البترول من جامعة موسكو ، وعاد بعد ذلك الى بلده وبقي لأعوام عاطلاً عن العمل الى أن توظف في حقول رميلان النفطية .
أهم نشاطاته وفعالياته الثقافية:
أثناء دراسته سواء في ألمانيا أو في موسكو كان مثابراً على اللغة الكوردية وباحثاً عن قواعدها ، وأقام دورات تعليم اللغة الكوردية للطلبة الكورد في جامعة موسكو ، وأصبح عضواً في هيئة تحرير مجلة ( شورشكر) أي الثوري في برلين الغربية آنذاك ، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة كاوا للمثقفين الكورد التي طبعت وترجمت العديد من الكتب الثقافية المتنوعة ، كما كان أحد أعضاء اللجنة التوحيدية للجمعيات الكوردية في أوربا، كما له باع طويل في الصحافة الكوردية حيث أصبح مسؤول لجنة نشر بيان (روناكبير) أي المثقف، ومؤسس مجلة ( ستير) أي النجمة مع الدكتور زردشت حاجو عام 1983م في قامشلو ، وعضو لجنة تحرير مجلة ( برس) أي السؤال ، ومدرس تعليم دورات اللغة الكوردية في قامشلو ، وكان أحد أعضاء لجنة منح جائزة جكرخوين الأدبية ، وهو عضو القلم الكوردي ، هذا غيض من فيض ما قام به من نشاطات وفعاليات فردية وجماعية لأجل الرفع من شأن الثقافة والأدب الكوردي سواء أثناء فترة دراسته في السبعينيات بين ألمانيا وروسيا ، وبعد مجيئه الى الوطن لغاية السنوات القليلة التي سبقت وفاته ، ناهيك عن الكتب والأبحاث والدراسات التي أنجزها خلال تلك الفترة، وبحكم إلمامه باللغة الكوردية وتخصصه فيها، كان أحد المراجع اللغوية في منطقة الجزيرة كلها فكان له الفضل في إصدار العديد من الكتب الأدبية الكوردية والتي قام بمراجعتها وتدقيها وتصحيحها .
مشاركاته الأدبية في المهرجانات والمحافل الثقافية:
بغض النظر عن اهتماماته بالأضواء والشهرة، والتي لم تكن إحدى أحلامه وطموحاته التي جناها بفعل خدماته وعرق جبينه، وسهره وتعبه على الأدب والثقافة الكوردية، إلا أنه كان منارة وشعلة موقدة وعرف في جميع أجزاء كوردستان ولاسيما في شماله وجنوبه حيث حضر العديد من المهرجانات الأدبية وألقى العديد من المحاضرات حول اللغة والثقافة والأدب الكوردي في دياربكر وبعض المدن الأخرى، وحضر كونفرانس القلم الكوردي والتركي تحت رعاية القلم العالمي ومنظمة اليونسكو في آمد ، وكذلك حضر المهرجان الثقافي الأول والثاني في دهوك ، ومهرجان جكرخوين في أربيل، والعديد من المناسبات الأخرى، ومهرجانات الأدب والشعر في منطقة الجزيرة والمناطق الأخرى .
نتاجاته الأدبية:
خلف رزو أوسي وراءه كماً كبيراً من المخطوطات الأدبية وحتى التراثية الفلكلورية واللغوية غير المطبوعة و لم ترى النور حتى بعد رحيله ، سوى مجموعة من القصص الفلكلورية الكوردية وطبعها في 5 كتب خاصة بالقصص الشعبية للأطفال ، ناهيك عن المئات من المقالات الأدبية واللغوية والتراثية الناتجة عن أبحاثه ودراساته التي أجراها، وقد نشرت في المجلات التي كان يحررها وغيرها التي كانت تصدر في تلك الفترات ، وصدر بعد رحيله بعامين مجموعة قصصية مؤلفة من 12 قصة قصيرة من دار نشر (ليس) بدياربكر ، كما أن العديد من المخطوطات باللغة الكوردية كالقصص والقصائد الشعرية والنقد بقيت وتنتظر الطبع .
تنويه : طبع له كتاب بعنوان :
Berhemên Rezoyê Ose Kom 1
الكتاب يحوي’ 500 ‘ خمسمائة صفحة وطبع الكتاب للمرة الأولى في أستانبول والمرة الثانية طبع في قامشلو .
بقي رزو أوسي مدافعاً صلباً ومخلصاً ووفياً لقضية شعبه وثقافته ، حتى وافته المنية في قامشلو بعد إصابته بمرض عضال في الرابع من آذار عام 2010م وبمشاركة جماهيرية كبيرة وري جثمانه الثرى في مسقط رأسه في قرية الدكشورية ، وكتب على شاهد قبره أبيات من قصيدة قد كتبها قبل رحيله ( غابت نجمتي ، لم أعد أنير بعد اليوم) ، ترك خلفه زوجته
Nîgar Samî Mela Ehmedê namî
(نيكار سامي ملا أحمد نامي) وولديه
: Salar (سالار أوسي) و Rolan (رولان أوسي ).